وتنظّر فيه في «المدارك» : بأنّ عدم التعقّل لا يقتضي العدم واقعا ، لبطلان القياس ، وعدم تحقّق مفهوم الموافقة والعلّة المنصوصة ، وبطلان حجّية غيرهما (١).
أقول : مقتضى الأخبار والفتاوى حرمة الكون فيهما للجنب والحائض مطلقا ، كما سيجيء في موضعه ، بل مسلّم ذلك عنده ، كما صرّح به في المقام ، ومقتضى ذلك وجوب الغسل للمرور ، ومع التعذّر فالتيمم. وليس هذا من القياس في شيء ، بل عمل بالأدلّة الشرعيّة ، مع أنّ من قال بوجوب التيمم قال في الكلّ ، ومن أنكر فكذلك ، ولا قائل بالفصل.
وأيضا بعد ملاحظة العمومات المانعة عن الدخول ، وخصوص الخبرين الدالّين على التيمم للخروج ، يترجّح في النظر كون التيمم ليس لخصوص الاحتلام ، ويعضده فتاوى الفقهاء المانعين عن القياس.
وممّا يشعر بذلك ذكر قوله عليهالسلام : «فأصابته جنابة» بعد قوله عليهالسلام : «فاحتلم» ثمّ التفريع بقوله عليهالسلام : «فليتيمم». إلى آخره ، هذا ظاهر في كون المنشأ والمناط هو الجنابة من حيث هي هي من دون خصوصيّة للاحتلام ، وإلّا كان اللازم عليه ترك هذا التفريع ، وتفريع وجوب التيمم على نفس الاحتلام ، وهذا واضح على المتأمّل.
وممّا يؤيّده أيضا إلحاق الحائض في المرفوعة ، والظاهر اتّحاد الروايتين.
ويمكن أن يكون من باب تنقيح المناط ، إذ أكثر الأحكام الفقهيّة العامة تثبت من الأخبار الخاصة بواسطته وإن لم يصرّح به.
الثالث : عرفت أنّ في المرفوعة المذكورة أنّ الحائض كالمحتلم إذا أصابها الحيض في المسجدين (٢). وأنكر في «المعتبر» ذلك ، لقطع الرواية ، ولأنّه لا سبيل
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ٢٢.
(٢) راجع! الصفحة : ٢٠٠ و ٢٠١ من هذا الكتاب.