بمنزلة الغسل ، فعند ما أحدث بالأصغر بعد التيمّم لا شكّ في كون الواجب عليه الغسل لو تمكّن منه ، ولم يجز الوضوء حينئذ قطعا ، فتعيّن عليه التراب الذي هو بمنزلة الماء على سبيل العموم في حالة فقد التمكّن من المائية ، فيجب عليه التيمّم بدلا من الغسل البتة ، ولم يجز الوضوء موضع التيمّم بدل الغسل ، ولا التيمّم بدلا عن الوضوء ، فعموم المنزلة أيضا من جملة أدلّة المشهور ، كما لا يخفى.
ومن التأمّل فيما ذكر وضح غاية الوضوح فساد ما ذكره المصنّف من أنّ التحقيق هو الأوّل.
وأمّا ما ذكره من أنّ الإباحة كافية لاستصحاب حكمها. إلى آخره ، فيه ، أنّ بعد الحدث الأصغر ترتفع إباحته يقينا ، فلذا يجب عليه الغسل للصلاة لو تمكّن منه ، ولا تصحّ صلاته بدون الغسل قطعا.
ولا يجوز الوضوء من الأصغر مع التمكّن ، وعدم التمكّن منه لا يصير منشأ لبقاء إباحته ووجوب الوضوء ، إذ من المعلوم من الأخبار والإجماع أنّه إذا لم يتمكّن من المائية يتعيّن عليه الترابيّة بدلا عن المائية ، لا مائية اخرى بدل المائية الغير المتمكّن منها.
بل الوضوء لا يصير بدلا من الغسل عند عدم التمكّن منه أصلا ، وبوجه من الوجوه.
مع أنّك عرفت أنّ الاستصحاب يقتضي بقاء الجنابة وأحكامها (١) ، إلّا ما ثبت خلافه ، وأنّ مجرّد إباحة الصلاة ليس نفس زوال الجنابة ، ولا مستلزما له ، لو لم نقل بكون الأمر بالعكس وثبوت بقائها وبقاء الأحكام التي عرفتها.
وبالجملة ، مفاسد ما ذكره عرفتها ، ولا يحتاج إلى الإعادة.
__________________
(١) في (ز ٣) و (ك) : وبقاء أحكامها ، بدلا من : وأحكامها.