من حذف المتعلق ، والحكم بالإباحة المطلقة يعم جميع أقسام التجارة عن تراض التي منها المعاطاة والا لكان بعضها باطلا داخلا في المستثنى منه وكان من جنسه والمفروض كونه خارجا عنه ، فالتجارة عن تراض بجميع أقسامها التي منها المعاطاة صحيحة وكان أكل المال بها أكلا بالحق لا بالباطل إلا ما خرج بالدليل.
لا يقال : ان هذا النحو من الاستثناء مسوق لإفادة شرطية المستثنى نحو : لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ، ولا صلاة إلا بطهور ، المستفاد منه عموم حكم المستثنى منه دون حكم المستثنى ، ضرورة عدم صحة الصلاة بمجرد الطهور أو الفاتحة بل مسوق لبيان بطلان كل صلاة فاقدة لهما لا صحة كل صلاة مشتملة عليهما وبالجملة لا عموم في المستثنى حتى يتمسك به في المقام بل هو مهمل لا إطلاق فيه وانما ذكر لإفادة محض الشرطية وعموم حكم المستثنى منه.
لأنا نقول : لا يتم ذلك بناء على ما هو الظاهر من كون الاستثناء منقطعا ـ كما قيل ـ لأن مغايرة المستثنى للمستثنى منه بالجنسية في المنقطع لا يستلزم كون ما عدا المستثنى من جنس المستثنى منه كلية حتى يؤخذ بعموم الحكم فيه ، بل غايته ثبوت نقيض حكم المستثنى منه للمستثنى ولو لمغايرته له في الموضوع والجنسية ، فيكون الكلام حينئذ مسوقا لبيان حكم المستثنى فقط وانما ذكر المستثنى منه توطئة لذلك ، فهو نظير قولك : لا تأكل الحرام الا ما كان كدا باليمين ، المسوق لبيان حلية ما حصل بالكد لا حصر الحلال فيه وحرمة ما عداه. نعم لو كان التعبير لا أكل بالحق إلا ما كان تجارة عن تراض ، لكان قياسه بنحو لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ، في إفادة الشرطية وعموم المستثنى منه وإهمال المستثنى حسنا.
هذا ويمكن تمامية ذلك على القول بكون الاستثناء متصلا ـ كما عن بعض ـ بإضمار شيء ، والتقدير : لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وان تراضيتم