والنهي عن المنكر واما ان كان من باب الإرشاد الواجب بيانه على سفراء الله ـ سبحانه وتعالى ـ لما دل على أن التكاليف ألطاف واجبة كما فيما نحن فيه فتكفي العمومات ونحوها في الإرشاد وبيان الأحكام الإلهية ، وان استدل على اعتبار السيرة بوجوب الأمر بالمعروف وجوب الإرشاد أيضا إلا أن بين مورديهما عموما من وجه وما نحن فيه من مورد الإرشاد الذي تكفي في بيانه العمومات ونحوها حينئذ فتكفي تلك الأدلة نحو «لا عتق إلا في ملك ولا وطء إلا في ملك» إرشادا للمنع عن نحو هذه التصرفات في المأخوذ بالمعاطاة.
والجواب عنه : اما عن الأول فقد يقال أولا : ان تلك الأدلة غير ناظرة الى ما عليه السيرة من المعاطاة لتصلح ان تكون ردعا لهم بل ليست مسوقة الا لإفادة مجرد الشرطية وبيان الحكم الكبروي وأين ذلك من مفاد السيرة الذي هو من الحكم الصغروي وبمنزلة الموضوع من الكبرى وثانيا مع التنزل لنا ان نمنع كفاية ذلك للإرشاد بعد قيام احتمال تحقق الملك بالمعاطاة على حسب معتقدهم لكونه بيعا عرفا فيكون السكوت عن ردعهم حينئذ لتحقق الشرط وبعبارة أخرى السكوت عن ردع من أعتق المأخوذ بالمعاطاة كما يحتمل ان يكون للاكتفاء عنه بقوله (لا عتق إلا في ملك) يحتمل أيضا ان يكون لتحقق شرط العتق وهو الملك ، ومع قيام الاحتمالين يكون مجملا لا يصلح للإرشاد والبيانية.
واما عن الثاني وهو الشك في التمكن منه الذي مرجعه الى الشك في وجود المانع دون أصل المقتضى فاجراء الأصل فيه وفي أمثاله مما لا شك فيه ، وهو من الأصول العقلائية لا ينافي قطعية الكشف عن الإمضاء بالعمل وإلا لم يبق محل للسيرة ومورد للتمسك بها أصلا ، كما لا ينبغي الاعتناء باحتمال كون السكوت عن الردع لمصلحة اقتضت إخفاء الحكم الإلهي