من امتثال نفس هذا الأمر المتأخر عنه في الرتبة وبمنزلة المحمول في القضية (١) كدعوى إمكان إتيان العبادة بداع الإخلاص ليس الا ويكون ذلك وفاء لما وجب عليه بالإجارة وان تجرد عن قصده إذ لا يعتبر في الوفاء به الإتيان لأجله بعد ان كان المفروض من الواجبات التوصلية فلا ينافي الإخلاص المعتبر في العبادة وان لم يكن مؤكدا له إذ الإجارة وسائر عقود المعاوضة إنما تتعلق بما أمكن ان يكون الإتيان به لأجل الوفاء ، وهو أي الإمكان متعذر في المقام لضرورة المنافاة بين القصدين.
الثالث ـ ما استدل به شيخ مشايخنا (كاشف الغطاء) في شرحه على (القواعد) بما يرجع محصله بتوضيح منا إلى التنافي بين صفة الوجوب وأخذ
__________________
(١) محصل الدعوى المذكورة ومناقشتها : أن تعلق الإجارة بالعبادة لا يتنافى مع داعي الإخلاص حيث لا يعتبر في تحقق الوفاء بمتعلق الأمر الإجاري قصد الإتيان به بما هو مستأجر عليه ، بل يكفي مجرد الإتيان به ولو بدون داعي امتثال الأمر الإجاري ، إذ هو توصلي لا يعتبر في تحقق الوفاء به قصد امتثاله وعليه فيمكن للأجير الإتيان بالعبادة بداعي امتثال أمرها العبادي المتعلق بها ، وكما يتحقق بذلك التقريب الى الله تعالى بقصد الامتثال بها كذلك يحصل الوفاء بالإجارة ، والحاصل ان الأمر الإجاري المتعلق بالعبادة لا ينافي الإخلاص المعتبر فيها وان لم يحصل به تأكده لكونه توصليا لا يعتبر فيه قصد التقرب الى الله بامتثاله. هذا ولكن الدعوى المذكورة كسابقتها في الاشكال وعدم التمامية فإنه وان لم يعتبر في تحقق الوفاء بالإجارة قصد امتثال الأمر الإجاري من حيث كونه توصليا ولكن يعتبر في متعلق الإجارة وسائر عقود المعاوضة إمكان الإتيان به لأجل الوفاء بالأمر الإجاري ونحوه من باب تسليم حق الناس إليهم وهو يتنافى مع كونه عبادة يعتبر فيه الخلوص والتقرب الى الله تعالى به لظهور المنافاة بين القصدين.