وأما ما ذكره (في جامع المقاصد) و (المسالك) في الفرع المتقدم من أنه لو كانت هذه إجارة فاسدة لم يستحق اجرة كما في الأول أو شيئا كما في الثاني ، ففيه ان الإجارة الفاسدة مضمونة أيضا ، لأن صحيحها مضمون وما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.
وأما الجعالة فجريان المعاطاة فيها اولى من جريانها في الإجارة لتوسعها وعدم اندراجها في العقود اللازمة التي ادعى الإجماع على اعتبار الصيغة الخاصة فيها مع قيام السيرة عليها.
وأما الرهن فلا مانع من جريان المعاطاة فيه بعد الصدق العرفي وقيام السيرة عليه (١) الا ما قيل من منافاة حكم المعاطاة : من جواز الفسخ للتوثيق المأخوذ في قوام الرهن ولزومه النقض للغرض. ويدفعه عدم انحصار فائدته بالوثوق : من خوف الرجوع حتى يكون الرهن بالمعاطاة لغوا ، بل
__________________
(١) الظاهر تسالم الأصحاب على كون الرهن لازما من طرف الراهن ويظهر منهم أن اللزوم مقتضى حقيقته ، فإنه وثيقة على دين المرتهن ولا وثوق مع قدرة الراهن على فسخ الرهن والرجوع بالعين المرهونة ، ومقتضى ذلك عدم صحة إنشائه إلا بالعقد المشتمل على الإيجاب والقبول ، فإنه الذي يجب على العاقد الالتزام بمؤداه بمقتضى قوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» بخلاف ما لو أنشأ الرهن بالمعاطاة فإن غاية ما يقتضيه صدق الرهن على ما أنشأ بها وقيام السيرة عليه صحة ذلك أما اللزوم مع فرض عدم صدق العقد على المنشأ بالمعاطاة ، فلا مقتضى له كما في غير الرهن مما أنشأ من المعاملات بالأفعال.
ويمكن ان يقال : ان الوجه فيما اتفق عليه الأصحاب من عدم لزوم ما أنشأ بالمعاطاة هو عدم وجود المقتضى للزوم فيها وهو العقد الواقع بين المتعاقدين الدال بالدلالة الالتزامية على التزام كل منهما لصاحبه بالثبات