هو الثمن كان دفعه على القول بالملك والبيع اشتراء وأخذه بيعا للمثمن به فيحصل الإيجاب والقبول الفعليان بفعل واحد في زمان واحد» انتهى.
وفي قصد إنشاء تمليك المثمن بقبض الثمن تأمل. ولعل الوجدان يشهد بخلافه. بل قد يدعى انعقاد المعاطاة بمجرد إيصال العوض وأخذ المعوض من غير توقف على إعطاء أصلا ، فضلا عن التعاطي ومثّل لذلك شيخنا المتقدم في (المكاسب) بما تعارف من أخذ الماء مع غيبة السقاء ووضع الفلس في المكان المعد له إذا علم من حال السقاء الرضا بذلك ، وكذا غير الماء من المحقرات كالخضروات ونحوها. ثم قال : «ومن هذا القبيل دخول الحمام ووضع الأجرة في كوز صاحب الحمام مع غيبته» انتهى.
وظاهره كون ذلك في الحمام من الإجارة المعاطاتية ، ولازمه ـ كما يظهر من غيره ـ كون ما هو المتعارف بين الناس من وضع الحمام والدخول فيه داخلا في قسم الإجارة من عقود المعاوضات. وحينئذ ففي المقام وأمثاله مما استلزم من تعلق الإجارة به تلف العين كاستئجار المرضعة وفحل الضراب والصباغ والكاتب والمنحة والبئر وحدها ونحو ذلك بالنسبة إلى اللبن والنطفة والصبغ والمداد والماء اشكال ، حيث يعتبر في صحة الإجارة تعلقها بالمنفعة مع بقاء العين ، بل ادعى الإجماع عليه كما في محكي (التذكرة) وغيره ، ومقتضاه بطلان الإجارة في هذه الموارد مع ان صحتها في البعض مورد اتفاق النص والفتوى بل السيرة قائمة في الجميع وان منع بعض عن صحتها في البئر المستقلة كالعلامة وغيره. ولذا اعترف غير واحد بجريان الإجارة في أمثال ذلك على خلاف الأصل ، وقد تعرضوا لها في إجارة المرضعة المدلول عليها بنص الكتاب لقوله تعالى «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» بناء على ظهور الأجر في الإجارة كالثمن في البيع والجعل في الجعالة.