هي عبارة عن تنزيل الغير منزلة نفسه فيه ولذا يتوقف حصولها على التوكيل
__________________
بها لله تعالى ليستحق بذلك الأجرة المجعولة له من المستأجر على ذلك ، فإنه ليس بعبادة لله تعالى ، إذ ليس حقيقتها صرف قصد العامل كون العمل لله تعالى ما لم يكن باعثه ومحركة نحو العمل أمر الله تبارك وتعالى ، ولو لنيل ما هو مجعول منه لطفا من أجره وثوابه على ذلك ، بخلاف ما لو كان المحرك له على ذلك نيل الأجر والثواب من مخلوق مثله ، فان ذلك ليس عبادة للخالق ـ جل وعلا ـ وهو من الوضوح بمكان.
وقد يقال ـ في مقام التخلص عن الاشكال ـ : إن قصد المستأجر التقرب الى الله تعالى في استيجاره للنائب في عبادة المنوب عنه ـ كاف في عباديته ، وان لم يتقرب النائب بعمله ، فان فعل النائب فعل تسبيبي للمستأجر وحاصل هذا الوجه. ان مقتضى دخول النيابة في عمل كون الواجب على المكلف إيجاده بنفسه مباشرة أو التسبيب اليه باستئجار الغير عليه أو طلبه منه ـ إيجاد العمل نيابة عنه بنحو يصح استناد الفعل اليه ، ويقال عليه :
إنه فاعل التسبيب ، وعليه ، فيكفي في عبادية العمل قصد التقرب من المسبب له ، ولا يعتبر التقرب ممن صدر منه العمل ، وهو النائب ، فيصح منه ، وان كان داعيه الى ذلك أمر غير إلهي وقصده غير قربى.
وفيه : ان باب التسبيب أجنبي عن تصحيح عمل النائب والأجير. توضيح ذلك : ان التسبيب قد يكون في ضمان التالف : فإنه كما يثبت بمباشرة الضامن للتلف ، كذلك يثبت بتسبيبه اليه بنحو يستند التلف الى فعل المسبب فيما إذا لم يتوسط بينه وبين موجب الضمان فعل فاعل مختار. فمن حفر بئرا في طريق وممر للناس ولم يجعل لها غطاء أو غطاها بشيء يسير من الحشيش والتراب مثلا ، فمر بها إنسان أو حيوان ، فوقع فيها ومات ، فإنه يضمن ديته أو قيمته ، وكذا لو أجج نارا في ريح عاصف