__________________
الصورة تسبيب ـ أصلا ـ لا من الميت ولا من الولد الأكبر ـ وهذا كاشف عن أن المناط في صحة العمل ليس هو التسبيب ، بل المصحح له ما ذكرناه من كونه قاصدا في إتيانه بالعمل تفريغ ذمة الغير المتوقف على قصده امتثال الأمر المتوجه الى الغير.
ثم إن الفعل الخارجي الصادر من المتبرع بعنوان كونه عن الغير محقق لعنوانين طوليين : أحدهما ـ كونه نيابة عن الغير المتوقف على قصده الفعل عنه ، فما لم يقصد كونه عن الغير لا يقع عنه ، وإن قصد امتثال الأمر المتعلق بالغير ـ ثانيهما ـ كونه عبادة واجبة على الغير ، وهو متوقف على قصده امتثال الأمر المتوجه الى الغير ، وهو ملاك عبادية عمل المتبرع عنه. وأما كون العمل عن الغير المحقق لعنوان النيابة المتقدم في الرتبة على العنوان الثاني فهو أجنبي عن ملاك عبادية العمل المأتي به عن الغير ، فان المقصود كون العمل مقربا للغير المنوب عنه ، والنيابة عمل للنائب ، فلو كان قصدها ملاكا لعبادية عمله لكان منشأ لتقربه لا لتقرب المنوب عنه.
ثم إن النائب يمكن أن يقصد بنيابته التقرب ، ويمكن أن لا يقصده فان قصده كان عمله مقربا له ـ أيضا ـ إذ هو متبرع بإتيان عبادة الغير قربة إلى الله تعالى ، فيحصل ـ حينئذ ـ تقرب للمنوب عنه لإتيان عبادته بفعل النائب ، وتقرب للنائب لقصده التقرب بنيابته ، ولو لم يقصد التقرب بنيابته بل قصد إتيان العبادة عن المنوب عنه يكون عمله موجبا لتقرب المنوب عنه ، لا لتقرب نفسه ، حيث أنه لم يقصد التقرب بنيابته ، وهو غير قادح ، إذ النيابة ليست عبادية ، وإنما هي توصلية ، فلا يقدح عدم قصد التقرب بها ، بل تصح ـ مطلقا.
والحاصل ، إن عنوان كون العمل نيابة عن الغير وعنوان كونه عبادة الغير عنوانان طوليان ، ثانيهما متوقف على الأول ، وهو ـ أي الأول