الأجرة دون الفعل المنوب فيه المعتبر فيه الإخلاص الذي هو من أفعال الجوارح. فهنا فعلان : أحدهما فعل قلبي وهو النيابة ، والآخر من أفعال الجوارح وهو من الفعل المنوب فيه ، وما يعتبر فيه الإخلاص هو الثاني دون الأول الذي هو من التوصلي الذي مرة يكون راجحا واخرى يكون مرجوحا وثالثة مباحا ، والراجح قد يكون واجبا ، وقد يكون مستحبا ، فيختلف حكمها بحسب ما يقتضيه موجبه. ومتعلقها أى الفعل المنوب فيه قد يكون توصليا أيضا وقد يكون تعبديا يعتبر فيه الإخلاص.
__________________
قصدي مضاف إلى النائب ، وليس عباديا متوقفا على قصد القربة به ، بل يصح ، ولو لم يقصد به التقرب ، والعنوان الثاني مضاف الى المنوب عنه لكونه عبادة عنه ، ويتوقف تحققه على قصد امتثال الأمر المتوجه الى المنوب عنه وبكون موجبا لقربه دون النائب ، كما لو كان المنوب عنه هو المباشر لكان قصده كذلك ، فيكون اجتماع هذين العنوانين أعني عنوان النيابة وعنوان العبادة عن الغير في الفعل الخارجي الصادر عن النائب ـ كاجتماع عنواني الصلاة والغصب في الفعل الخارجي وهو الصلاة في الدار المغصوبة ـ مثلا ـ سوى أن الصلاة والغصب عنوانان عرضيان ، وهذان العنوانان طوليان ، الثاني منهما في طول الأول.
إذا عرفت ذلك ، فنقول فيما هو محل الكلام من عبادة الأجير ـ : ما هو متعلق الإجارة وتقع الأجرة بإزائه عنوان النيابة في عمل الغير وقد عرفت أنه توصلي ، فيصح أن يقصد به استحقاق الأجرة من المستأجر وليس مرتبطا بملاك عبادية العبادة عن الغير كي يكون أخذ الأجرة منافيا لها بل الذي ينافي أخذها كون النيابة عبادة المفروض عدمها ، فعدم استحقاق الأجير الأجر والثواب بنيابته لا ينافي تحقق عبادة الغير عنه وصيرورة المنوب عنه مستحقا للأجر والثواب ، والمفروض دخول النيابة في عمل المنوب عنه بمعنى حصول القرب له بالأعم من عمل نفسه وعمل نائبه عنه.