ثم ان النيابة بعد تحققها وإمضاء الشارع لها موجبة لتوجه التكليف
__________________
وبالجملة ، إن متعلق الإجارة عمل مباشري للنائب ، وهو إتيانه بالعمل بقصد نيابته عن المنوب عنه ، والباعث له على ذلك بذل المستأجر له الأجرة على نيابته وملاك عباديته العمل هو الأمر المتوجه إلى المنوب عنه ، وتعنون العمل بكونه عبادة المنوب عنه في طول إتيان النائب بالعمل بقصد النيابة عن الغير ، فأحد العنوانين محقق لنيابة النائب ، والعنوان الآخر محقق لعبادة المنوب عنه ، وما يتوقف صحته على قصد الامتثال هو الثاني منهما ، وما يقع بإزاء الأجرة أو لهما.
هذا محصل ما أفاده شيخنا الأستاذ ـ قدس سره ـ ولا أظنك بعد هذا التقريب تتوهم مما ذكره سيدنا المصنف ـ قدس سره ـ بقوله : «فالنيابة التي هي من فعل القلب هي المأخوذ عليها الأجرة» وقوله ـ رحمه الله ـ : «فهنا فعلان : أحدهما ـ فعل قلبي وهو النيابة ، والآخر من أفعال الجوارح وهو الفعل» إلخ.
فتقول : إن الإجارة لا بد أن تقع على عمل ، ولا يكفي في متعلقها صرف فعل القلب ، وذلك لما ذكرنا : من أن متعلق الإجارة : النيابة وهو العمل عن الغير ، وكونه قصديا منوطا بقصد النائب النيابة لا يقتضي كونه عبارة عن نفس القصد الذي هو مجرد فعل القلب ، بل هو فعل خارجي له جهة اضافة الى النائب وهي جهة الإصدار بالمعنى المصدري ، وله جهة أخرى بالمعنى الاسم المصدري التي هي جهة العبادية وكونه امتثالا للأمر المتوجه الى الى المنوب عنه بفعل نائبه ، والجهة الأولى توصلية محضة ، والجهتان طوليتان وليس تعددهما بمحض الاعتبار ، كما يتوهم ذلك.
وبالجملة فهذا الوجه خير الوجوه في مقام دفع الاشكال ، وما سواه مما دفع به الاشكال غير خال عن الخدشة ، والله تعالى هو العالم.