الغير عنه برضاء المضمون له بعقد الضمان لعموم : الوفاء بالعقود ، مؤيدا بقوله تعالى «وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ» حيث أن المورد من الجعل الذي لا يثبت في الذمة إلا بعد العمل ، فالضمان عنه ضمان لما لم يجب ، وليس إلا لثبوت عهدة الجعل في ذمة الملك فيكون الضمان عنه من ضمان العهدة فافهم واغتنم.
هذا ولا بأس بتذبيل المسألة بضمان درك أحد العوضين للبائع أو للمشتري الواقع كثيرا فيما بين الناس حتى قبل بمسيس الحاجة إليه.
فنقول : الضمان : مرة يتعلق بالثمن ، وأخرى بالثمن وعلى التقديرين فتارة يكون متعلقة وهو المضمون عينا شخصية واخرى كليا في الذمة.
وعلى جميع التقادير : فاما أن يكون قبل القبض أو بعده قبل التلف أو بعده أيضا ، وعلى التقادير كلها : فأما أن يكون الضمان للمشتري عن البائع ،
__________________
(الزعيم) في القضية وان كان ظاهرا في العموم لضامن العين الخارجية لمالكها ، ولكن ظهور المحمول في الغارم بالفعل مقدم على ظهور الموضوع فيتعين كون المراد بالزعيم المتعهد بدين الغير لا الأعم منه ومن العين.
هذا مضافا الى احتمال كون المراد بالزعيم في القضية هو المتعهد بمال وجعل لشخص على عمل منه تعهدا ابتدائيا بلا اعتبار كون المال مضمونا على آخر ومسبوقا بضمانه له. وعليه فالمراد : أن الزعيم والمتعهد به ملزم بما تعهد به له على عمله وغارم له والظاهر أن المراد بالزعيم في الآية الشريفة «وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ» هو بهذا المعنى بان يكون المقصود للمؤذن اني كفيل بأداء حمل بعير من الطعام اخسره من مالي لمن جاء بصواع الملك ، لا أن المراد : اني ضامن لما في ذمة الملك من الجعل ليشكل بكونه من ضمان ما لم يجب ، حيث ان العمل من المجعول له بعد لم يتحقق لتشتغل ذمة الملك بالجعل.