وأما الثاني وهو الموضع الثالث من المواضع الثلاثة وهو رجوع من رجع المالك عليه على اللاحق دون السابق عليه (١) فقد وجهه شيخنا ـ قدس سره ـ (في مكاسبه) بما لفظه : أن السابق اشتغلت ذمته له بالبدل قبل اللاحق فاذا حصل المال في يد اللاحق فقد ضمن شيئا له بدل فهذا الضمان يرجع الى ضمان واحد من البدل والمبدل على سبيل البدل إذ لا يعقل ضمان المبدل معينا من دون البدل والا خرج بدله عن كونه بدلا فما يدفعه
__________________
لاحقا بخلاف ما لو رجع المالك على من كان لا حقا فإنه يرجع على من كان سابقا عليه لكونه لاحقا له فعلا ، وقد ذكرنا أن السابق يرجع بما غرمه للمالك على من لحقه إذا لم يكن غارا له واما مع الغرور فلا يرجع بغرامته عليه إذ لا وجه لرجوعه على من إذا رجع المالك عليه يرجع بما غرمه عليه لكونه غارا له ولو تعدد الغار في سلسلة الأيادي المتوالية فكل مغرور يرجع على من غيره ، لا على غار مغرور آخر.
(١) إنا ـ وإن ذكرنا فيما سبق كيفية ضمان الأيدي المتوالية على مال الغير ـ وبما انه يحصل بتكرار الكلام في ذلك زيادة وضوح ، فنقول : إن ضمان الأيدي المتعاقبة على مال الغير في عالم التصور يمكن أن يكون على أنحاء.
الأول ـ كونه من قبيل الواجب الكفائي بمعنى أن كلا من ذوي الأيدي يضمن المال لو لم يكن الغير ضامنا له. وهذا الوجه انما يتم بناء على ان المجعول بالأصل في باب الضمان هو الحكم التكليفي والضمان منتزع منه وتبع له وعليه فيمكن كون كل من ذوي الأيدي مكلفا بأداء المال الى مالكه ما لم يؤده غيره فلو ادى البعض سقط الوجوب عن الكل. ولو لم يتحقق الأداء عوقب الكل شأن الواجب الكفائي. واما بناء على ان الضمان من قبيل الوضع لا التكليف وان مرجعه كون عهدة الضامن وذمته