فنقول مزج المالين لا يخلو من صور لأنه : إما أن يكون المزج بحيث يتولد منه شيء ثالث ينتفي عنه اسم كل منهما ولا يصدق عليه إلا اسم المركب منهما كالدهن بالدبس واللبن بالعسل ـ مثلا ـ مزجا تاما بحيث لا يكاد يدرك جزء منه الا وهو مركب منهما أولا يخرج به عما كان يصدق عليه قبله وكان مع ذلك لا يتحقق جزء إلا وهو مركب منهما كمزج المتساويين جنسا ووصفا نحو الدهن بالدهن والدبس بالدبس ، أو يكون المزج بمثله بما يرتفع التميز بين أجزائه إلا أنه لا تركيب في الاجزاء منهما بل يكون كل جزء
__________________
ووصف الجودة فيما يستحقه موهبة من الله تعالى. ولو كان المزج بغير جنسه ففي صورة الاستهلاك وعدم إيجابه زيادة مالية في المزيد عليه لم يضمن الغاصب إلا بدل العين التالفة بالاستهلاك ، ولو أوجب الزيادة في المالية اشتركا من نفس العين بمقدار ماليّة مالهما لعدم لزوم الربا في غير الجنس وبالجملة امتزاج المالين موجب للشركة في العين ما لم يكن محذور في البين وفي غير صورة الاستهلاك حكمه الاشتراك في العين بمقدار مالهما ووصف الجودة لمال المالك مضمون على الغاصب لأنه محترم فيحسب له أرشه بخلاف وصف الجودة لمال للغاصب فإنه لعدم احترامه لا يحسب له أرشه فالزيادة الحكمية للمالك محترمة بخلاف الزيادة الحكمية للغاصب فليس لها احترام.
هذا واما الكلام في المقام الثاني وفيما يجب على الودعي ، فالذي ينبغي أن يقال فيه : أنه في صورة مزج الغاصب مال الغير بماله بنحو تذهب صورته النوعية حقيقة أو عرفا كما إذا كان المزج بغير جنسه بنحو ما مر سابقا بحيث عد مال الغير تالفا بسبب استهلاكه في مال الغاصب ولم يوجب زيادة مالية في ماله ، فيتجه حينئذ ما نسب إلى الأصحاب من الفتوى بوجوب رد الجميع الى الغاصب عند مطالبته للودعي إذ لم يبق للمالك حق في المال الذي أودعه الغاصب بعد أخذ بدله من الغاصب ، بل بلزوم بدله عليه