قلت والظاهر : تحقق الإجماع ـ بقسميه ـ على خلافه إذ لم ينسب القول بكفاية الفعل في لزوم المعاطاة قبل الجماعة إلا الى المفيد الذي قد عرفت ما في النسبة اليه ، مع انه كما قبل مسبوق بالإجماع وملحوق به وان كان وقوع التعبير بنحو المشهور والمعروف ـ في كلام بعض ـ بل والأشهر والأكثر ـ في كلام بعض آخر ـ يعطى وجود قائل به غير المفيد ممن يعتد به
__________________
إجماعا ، غير أن ظاهر المفيد ـ رحمه الله ـ يدل على الاكتفاء في تحقق البيع بما دل على الرضا به من المتعاقدين إذا عرفاه وتقابضاه. وقد كان بعض مشايخنا المعاصرين يذهب الى ذلك أيضا ، لكن يشترط في الدال : كونه لفظا ، وإطلاق كلام المفيد أعم منه ، والنصوص المطلقة من الكتاب والسنة الدالة على حل البيع وانعقاده من غير تقييد بصيغة خاصة يدل على ذلك ، فانا لم نقف على دليل صريح في اعتبار لفظ معين ، غير أن الوقوف مع المشهور هو الأجود مع اعتضاده بأصالة بقاء ملك كل واحد بعوضه الى ان يعلم الناقل فلو وقع الاتفاق بينهما على البيع وعرف كل منهما رضاء الآخر بما يصير اليه من العوض المعين الجامع لشرائط البيع غير المخصوص لم يفد اللزوم إلخ.
ثم انه بعد ذلك في شرح قول المصنف : سواء كان في الحقير أو الخطير. قال في (المسالك) : رد به على بعض العامة حيث اكتفى بالمعاطاة في المحقرات وأقامها فيه مقام البيع : واختلفوا في تحديدها فقال بعضهم : ما لم يبلغ نصاب السرقة ، وأحالها آخرون على العرف كرطل خبز وغيره مما يعتاد فيه المعاطاة وهو تحكم ، والذي اختاره متأخر والشافعية وجميع المالكية انعقاد البيع بكل ما دل على التراضي وعده الناس بيعا ، وهو قريب من قول المفيد ، وشيخنا المتقدم : وما أحسنه وامتن دليله ان لم ينعقد الإجماع على خلافه.