ولكن مع ذلك لا يخلو عن تأمل لما عرفت سابقا من أن التسليط المقصود به التمليك في المعاطاة لا يبقى مع انتفاء الملك لذهاب الجنس بذهاب فصله ، فالإباحة الضمنية للملك منتفية والقسيمة له غير مقصودة ـ أصلا ـ وليست الإباحة هنا كالمطلق المقيد بقيد أو المشروط بشرط حتى يمكن فيه فرض تعدد المطلوب ، وان هو الا كالعقد الفاسد في وحدة المطلوب وان فرض الفرق بينهما في سبق الملك على الفعل ولحوقه به.
اللهم الا ان يتشبث للقول بإباحة التصرف بوجه آخر ، وهو إحراز الرضا من المالك بالتصرف وان لم يتحقق الملك بشاهد الحال الذي قد يدعى تحققه في خصوص المعاطاة المبنية على التسامح بخلاف العقود المبنية على المداقة من ضبط الألفاظ واجتماع الشروط وفقدان الموانع الكاشفة عن المداقة وعدم التسامح فيها ، فإحراز الاذن بالتصرف حينئذ ـ مع عدم سلامة المقصود من الملك ـ مفقود ، ويكفي في صحة التصرف إحراز الرضا القلبي من المالك ، وان بطل العقد أو المعاطاة في إفادة المقصود من الملك ويشهد لذلك قول العلامة في هبة (التحرير) بعد ان اعتبر الإيجاب والقبول فيها ما لفظه : «وهل يستغنى عن الإيجاب والقبول في هدية الأطعمة؟ الأقرب عدمه نعم يجوز التصرف عملا بالاذن المستفاد من العادة».
وأما الجواب عن الثاني وما فيه ، فيظهر مما ذكرنا في الجواب عن الأول إذ القاعدة الثانية ليست هي بنفسها قاعدة مستقلة بل هي من فروع قاعدة (تبعية العقود للقصود) ضرورة أن الوجه في عدم إفادة العقود الفاسدة للإباحة انما هو عدم كون الإباحة مقصودة الا في ضمن الملكية على وجه التبعية والفرعية فمتى لم يقع الملزوم بمقتضى فساد العقد لا يقع ما كان لازما له متفرعا عليه أيضا ، فلا يقتضي العقد جواز التصرف بل يبقى التصرف في مال الغير على حرمته الأصلية. واما المخالفة للقاعدة الثالثة فلا