السلام قال : «من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الأرض قد كلت وأقامت وسببها صاحبها لما لم تتبعه فأخذها غيره فأقام عليها وأنفق نفقة حتى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ولا سبيل له عليها ، وانما هي مثل الشيء المباح» وليس المماثلة في الخروج عن الملكية ، بل مثله في التملك بالقبض وذكر البعير على جهة المثال سيما مع عطفه على المال. والى رواية الشعيري قال : «سئل أبو عبد الله عليه السلام عن سفينة انكسرت في البحر وفيها مال فأخرج بعضه بالغوص ، وأخرج البحر بعض ما غرق فيها؟ فقال : اما ما أخرجه البحر ، فهو لأهله الله أخرجه لهم ، واما ما أخرج بالغوص فهو لهم وهم أحق به» وقال في (السرائر) بعد ذكر الرواية ـ «قال محمد بن إدريس : وجه الفقه في هذا الحديث : أن ما أخرجه البحر ، فهو لأصحابه ، وما تركوه آيسين منه ، فهو لمن وجده وغاص عليه لأنه صار بمنزلة المباح ، ومثله من ترك بعيره من جهد من غير كلاء ولا ماء ، فهو لمن أخذه ، لأنه خلاه آيسا منه ورفع يده عنه فصار مباحا ، وليس هذا قياسا لأن مذهبنا ترك القياس ، وانما هذا على جهة المثال والمرجع فيه الى الإجماع ، وتواتر النصوص ، دون القياس والاجتهاد وعلى الخبرين إجماع أصحابنا منعقد.
قلت : تنزيل الرواية على تحقق الاعراض عن البعض باليأس ـ وهو ما اخرج بالغوص وعدمه في البعض الآخر وهو ما أخرجه البحر كما يظهر من عبارة السرائر تفكيك ركبك وحينئذ تشكل الرواية لأن الاعراض : ان كان متحققا ، فما أخرجه البحر كما اخرج بالغوص يملكه من سبق اليه ، وإلا فما اخرج بالغوص أيضا لمالكه ، وحملها على إرادة المال للمالك في الصورتين ، والتفصيل انما هو في المخرج ، والمقابلة بين ما أخرجه الغواص لهم وما أخرجه الله كما احتمله في (الجواهر) ضعيف جدا. فالأولى عندي بل هو المتعين حمل الرواية على الغالب من حصول الاعراض بالغرق وصيرورة المال بعده بحكم المباح ، يملكه من سبق اليه ولذا