فالمتحقق في الإنشاء الفعلي فعلان : أحدهما ـ فعل النفس والآخر ـ فعل الجوارح ، فالأول هو الإنشاء النفسي ، والثاني هو الإنشاء الفعلي وحصر الكلام في الخبر والإنشاء لا يدل على حصرهما في الكلام وهذا المعنى متحقق في المعاطاة كما هو متحقق في العقود القولية.
وثانيا بمنع كون البيع اسما لذلك المعنى وانما هو من العناوين الثانوية المنتزعة من العناوين الأولية ، وليس هو إلا كسائر الأفعال الاختيارية الصادرة من الفاعل المختار بسبب دواعيها والأغراض الموجبة لها المترتبة عليها ، غير أن بعضها لم يكن المقصود منها إلا ذوات تلك الأفعال من حيث هي لأغراض خاصة ، وبعضها لم يكن المقصود منها الا عناوينها الثانوية كالقيام للتعظيم والضرب للتأديب والشتم للإيذاء ونحو ذلك من الأفعال التي لم يكن الغرض منها إلا كونها آلة ومحققة لما يترتب عليها من العناوين الثانوية ، وليس البيع إلا من هذا القبيل ، وما ذكرنا من الوجه الأول انما هو مع التنزل والمماشاة ، والا فهو غير مرضي عندنا من أصله خلافا للاشاعرة.
نعم إنما التأمل في كون البيع اسما لنفس السبب الذي هو العنوان الاولى من حيث ما يترتب عليه من العنوان الثانوي على وجه يكون التقييد داخلا والقيد خارجا ، أو هو اسم لنفس العنوان الثانوي المنتزع دون منشأ الانتزاع كما يظهر من تعريفه بالنقل ، والأظهر هو الأول لظهور كون النقل أثر البيع دون حقيقته ، وعلى تقدير كونه اسما للعنوان الثانوي كما يظهر من تعريف من عرفه بالنقل أو الانتقال فلا يخلو من تسامح : اما الثاني فلان الانتقال من عوارض المبيع لا نفس البيع واما الأول فقد يمنع اطراد حصوله في موارد البيع كلها ، فان منها ما لا يتحقق النقل فيه (١)
__________________
(١) يمكن أن يقال : إن البيع كيف ما كانت حقيقته لا يخلو مورد