منهم الملوك ذوو الحظ الأوفر من العظمة والفضل وسعة الجاه والأمر والنهى وبسطة العيش كداود وسليمان عليهما السلام.
(٥) تفضيلهم على الناس جميعا ، إذ لم يكن فى أمة أنبياء كما كان فيهم ، ولم يجمع الله بين الملك والنبوة فى شعب كما اجتمع فيهم ، فهم أرفع الشعوب منقبة.
قال ابن عباس : لم يكن أحد من العالمين أكرم على الله ولا أحب إليه منهم اه.
وقد آتاهم من الآيات المرئية والمسموعة وأكثر فيهم من الأنبياء بما لم يفعله بغيرهم ممن سبق.
(٦) إيتاؤهم أحكاما ومواعظ مؤيدة بالمعجزات ، وقد كان هذا مما يستدعى ألفتهم واجتماعهم ، وكانوا كذلك لا يختلفون إلا اختلافا يسيرا لا يضر مثله ، فلما جاءهم العلم اختلفوا كما أشار إلى ذلك بقوله :
(فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) أي فما حدث فيهم هذا الخلاف إلا بعد قيام الحجة طلبا للرياسة وحسدا فيما بينهم ، وقد سبق تفصيله فى سورة حم عسق.
ثم وكل سبحانه أمر المختلفين إليه للقضاء بينهم يوم القيامة فقال :
(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي إن ربك سبحانه يقضى بين المختلفين من بنى إسرائيل بغيا وحسدا فيما كانوا فيه يختلفون فى الدنيا بعد العلم الذي آتاهم ، والبيان الذي جاءهم منه ، ويجعل الفلج للمحقّ على المبطل ، والمقصد من هذا أنه لا ينبغى أن يغترّ المبطل بنعم الدنيا ، فإنها وإن ساوت نعم المحق أو زادت عليها ، فهو سيرى فى الآخرة ما يسوءه.
وفى هذا تحذير لهذه الأمة أن تسلك مسلكهم ، وأن تسير على نهجهم.
ولما بين أنهم أعرضوا عن الحق بغيا وحسدا ـ أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعدل عن هذه الطريقة وأن يستمسك بالحق فقال :