ونحو الآية قوله : «إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ. وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً».
(إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) أي إنه تعالى يغفر الكثير من السيئات ، ويكثّر القليل من الحسنات ، فيستر ويغفر ويضاعف فيشكر ، قال قتادة : غفور للذنوب ، شكور للحسنات.
ثم أنكر عليهم نسبة افتراء القرآن إلى الرسول ووبخهم على مقالهم فقال :
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) أي أيقع فى قلوبهم ويجرى على ألسنتهم أن ينسبوا مثله إلى الافتراء على الله وهو أقبح أنواع الفرية وأفحشها؟
وهذا المقال منهم أفظع من الشرك الذي جعلوه شرعا لهم ، فإنهم قد جعلوا الحق الأبلج الذي يعاضده الدليل ويؤيده البرهان ـ افتراء على الله واختلافا للكذب عليه ـ وفى ذلك أتم دلالة على بعده صلّى الله عليه وسلّم من الافتراء.
وخلاصة ذلك ـ إنهم قالوا إن هذا الذي يتلوه علينا من القرآن ما هو إلا اختلاق من قبل نفسه وليس بوحي من عند ربه كما يدّعى.
ثم زاد فى استبعاد الافتراء من مثله عليه السلام والإنكار له على أتم وجه فقال :
(فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) أي فإن يشأ الله خذلانك يختم على قلبك لتجترىء بالافتراء عليه ، فإنه لا يفعل مثل هذا إلا من كان فى مثل حالهم قد ختم الله على قلبه وأعمى بصيرته.
والخلاصة ـ إنه إن يشأ يجعلك منهم ، لأنهم هم المفترون الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله.
وما أجمل هذا التعريض بأنهم مفترون ، وأنهم فى نسبة الافتراء إليه مفترون أيضا ، وشبيه بالآية قول أمين نسب إلى الخيانة : لعل الله خذلنى ، لعل الله أعمى بصيرتى ـ