والخلاصة ـ إنه لو شاء أسكن الريح فوقفت السفن رواكد على ظهر البحر ، ولو شاء لأرسلها عاتية قويّة فاخرتها عن سيرها ، وصرّفتها ذات اليمين وذات الشمال آبقة لا تسير على طريق ولا تصل إلى مقصد حتى تغرق ، ولكن من رحمته ولطفه يرسلها بقدر الحاجة لينتفع بها الملاحون لقضاء أوطارهم.
(وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) أي وليعلم الذين ينازعون فى آياتنا على جهة التكذيب لها أنه لا مخلص لهم إذا وقفت السفن أو إذا عصفت الريح ، فيصير ذلك سببا لاعترافهم بأن النافع الضارّ ليس إلا الله تعالى.
(فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩))
تفسير المفردات
آتاه الشيء : أعطاه إياه ، والمتاع : ما ينتفع ويتمتع به من رياش وأثاث ونحوهما ، يتوكلون : يفوّضون إليه أمورهم ، كبائر الإثم : هى كل ما يوجب حدّا ، والفواحش : هى ما فحش وعظم قبحه كالزنا والقتل ونحوهما ، واستجابوا : أي أجابوا داعى الله ، فأدّوا فرائضه ، وتركوا نواهيه ، والشّورى والمشاورة : المراجعة فى الآراء ، ليتبين الصواب منها ، والبغي : الظلم ، ينتصرون : أي ينتقمون.