ونحو الآية قوله : «وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» وعن الحسن : ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم. وقال ابن العربي : الشورى ألفة للجماعة ، وصقال للعقول ، وسبب إلى الصواب ، وما تشاور قوم قط إلا هدوا. ولأمر ما أصبحت الحكومات فى العصر الحاضر لا تبتّ فى مهام الأمور إلا إذا عرضت على مجالس الشورى (البرلمان ـ مجلس الشيوخ والنواب) وكأنى بك قد سمعت قول بشار بن برد فى فوائد الشورى :
إذا بلغ الرأى المشورة فاستعن |
|
برأى لبيب أو مشورة حازم |
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة |
|
قريش الخوافي قوة للقوادم |
وما خير كف أمسك الغلّ أختها |
|
وما خير كف لم تؤيد بقائم |
(٨) (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) أي وينفقون مما آتاهم ربهم فى سبل الخير ، والبذل فيما فيه منفعة للفرد والمجتمع ، ورفعة الأمة وعلوّ شأنها وعزها.
(٩) (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) أي والذين إذا بغى عليهم باغ ينتصرون ممن ظلمهم من غير تعدّ عليه.
والمؤمنون فريقان :
(١) فريق يعفو اتباعا لقوله تعالى : «وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى» وقوله : «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ» وقوله : «وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ».
(ب) فريق ينتصر ممن ظلمه وهو المذكور فى هذه الآية.
والخلاصة ـ إن العفو ضربان :
(١) ضرب يكون فيه العفو سببا لتسكين الفتنة ، وتهدئة النفوس ، ومنع استفحال الشر ، وهذا محمود وحثت عليه الآيات الكريمة التي ذكرت آنفا.
(٢) ضرب يكون فيه العفو سببا لجراءة الظالم وتماديه فى غيّه ، وهذا مذموم وعليه تحمل الآية التي نحن بصدد تفسيرها.