فالعفو عن العاجز المعترف بجرمه محمود ، والانتصار من المخاصم المصرّ على جرمه والمتمادى فى غيّه محمود ، وإلى هذا أشار المتنبي بقوله :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته |
|
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا |
فوضع الندى فى موضع السيف بالعلا |
|
مضرّ كوضع السيف فى موضع الندى |
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٢) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣))
تفسير المفردات
السيئة : مأخوذة من السوء ، وهو القبيح ، وانتصر : أي سعى فى نصر نفسه بجهده ، من سبيل : أي من عقاب ولا عتاب ، لمن عزم الأمور : أي لمن الأمور المشكورة والأفعال التي ندب إليها عباده ، ولم يرخّص بالتهاون فيها.
المعنى الجملي
بعد أن مدح فيما سلف الذين ينتصرون لأنفسهم ممن بغى عليهم ـ أردف ذلك ما يدل على أن ذلك الانتصار مقيد بالمثل ، لأن النقصان حيف ، والزيادة ظلم ، والتساوي هو العدل الذي قامت به السموات والأرض ، ثم ندب إلى العفو والإغضاء