الراية إلى عبد الله بن رواحة قاتل ، ثم صنع ما صنع صاحباه ثم نزل عن الفرس ونزع الدرع ، وقال : من يأخذ هذا؟ وجال الناس جولة ، وأخذ الراية رجل من الأنصار فقاتل بها إذ مر به خالد بن الوليد ، فقال له الأنصاري : يا خالد خذ الراية قال : أنت أحق بها أنت أخذتها ، وقال الأنصاري : أنت أحق بها فإنك أشجع مني ، فأخذها خالد.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة ، نا محمد بن شجاع ، نا محمد بن عمر الواقدي (١) ، قال : ومضى المسلمون وقد أمرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن ينتهوا إلى مقتل الحارث بن عمير فلما فصل المسلمون من المدينة سمع العدو بمسيرهم فجمعوا الجموع. وقام فيهم رجل من الأزد يقال له شرحبيل بالناس ، وقدم الطلائع أمامه. وقد نزل المسلمون وادي القرى وأقاموا أياما. وبعث أخاه سدوس بن عمرو في خمسين من المشركين فالتقوا وانكشف أصحابه وقتل سدوس وخاف شرحبيل بن عمرو فتحصّن ، وبعث أخا له يقال له وبر بن عمرو فسار المسلمون حتى نزلوا معان من أرض الشام ، فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآبا من أرض البلقاء في بهراء ووائل وبكر ولخم وجذام في مائة ألف ، عليهم رجل من بليّ يقال له مالك. فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا ليلتين ، لينظروا في أمرهم وقالوا : نكتب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنخبره الخبر. فإما يردّنا وإما يزيدنا رجالا. فبينا الناس على ذلك من أمرهم جاءهم ابن رواحة فشجّعهم ثم قال : والله ما كنا نقاتل الناس بكثرة عدد ، ولا بكثرة سلاح ، ولا بكثرة خيول. إلّا بهذا الدّين الذي أكرمنا الله به. انطلقوا ، والله لقد رأيتنا يوم بدر ما معنا إلّا فرسان ويوم أحد فرس واحدة فإنما هي إحدى الحسنيين ، إما ظهور عليهم فذلك ما وعدنا الله ووعد نبيّنا ، وليس لوعده خلف ، وإما الشهادة فنلحق بالإخوان نرافقهم في الجنان. فشجع الناس على مثل قول ابن رواحة.
أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنا أبو عمر ، أنا عبد الوهّاب ، نا محمد بن شجاع ، نا الواقدي (٢) ، قال : فحدثني ربيعة بن عثمان ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال : شهدت مؤتة ، فلما رأينا المشركين رأينا ما لا قبل لنا به
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ / ٧٦٠.
(٢) مغازي الواقدي ٢ / ٧٦٠.