دنانير وراحلة تحمل حملها من الطعام والكسوة والأدم فيرجعون بها إلى بلادكم وتعيشون بها أهاليكم سنتكم هذه (١) ، فإذا كان قابل بعثتم إلينا فبعثنا إليكم بمثله. فإنا قد جئناكم من الجيوش والعدد بما لا قبل لكم به. فقال خالد : ما أخرجنا من بلادنا الجوع ولا ضيق الأمر ، ولكنا معشر العرب نشرب الدماء. فحدّثنا أن لا دماء أحلى من دماء الروم فأقبلنا نهريق دماءكم ونشربها قال : فنظر أصحابه بعضهم إلى بعض ، وقالوا : هذا ما كنا نحدّث به عن العرب من شربها الدماء.
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي محمد الكتاني ، أنا أبو نصر بن الجندي وأبو القاسم عبد الرّحمن بن الحسن بن أبي العقب ، قالا : أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك ، نا ابن عائذ ، قال : قال الوليد فذكر نحوه إلّا أنه قال : روم الرّوم ، وقال : ثمانين ألفا. والصواب مائة ألف.
أخبرنا أبو الحسين بن الخطيب ، أنا جدي أبو عبد الله ، أنا أبو الحسن الرّبعي ، أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن حيان ، أنا أبو العباس بن الزفتي (٢) ، أنا محمد بن محمد بن مصعب وحشي ، نا محمد بن المبارك ، نا الوليد بن مسلم ، أخبرني شيخ من بني أبي الجعد عن أبيه أبي الجعد أنه : أشار على المسلمين ببنات الروم فقبلوا ذلك منه فبعثوا خيلا عظيمة وأمروا أهل العسكر بإيقاد النيران. فانطلق بهم على مدقة الطريق وجسر الروم حتى واقع عسكر الروم فقاتلوهم مليا ، فلما نشب القتال انحاز بهم في ظلمة الليل على الطريق الذي أقبل عليها والجسر ، وتنادت الروم أن العرب قد انهزمت ، فخرجت تتراكض بأدم النيران ، فتوقص منهم في وادي اليرموك أكثر من ثمانين ألفا لا يعلم الآخر منهم ما لقي الأول.
قال : ونا الوليد ، نا صفوان بن عمرو ، عن عبد الرّحمن بن جبير : أن المسلمين غادوهم (٣) بالقتال وغدت الروم قد ترجّلت صفوفا في سلاسل الحديد مقفلا عليهم لا يفر بعضهم عن بعض. فقاتلوهم قتالا شديدا فنصر الله المسلمين وهزم الروم ، فأتبعتهم
__________________
(١) بالأصل : «وتعينون بها أهاليكم عينكم هذه» وما أثبتناه عن مختصر ابن منظور.
(٢) بالأصل : «الرقي» وقد تقدم مرارا.
(٣) عن خع وبالأصل : «عادوهم ... وعدت .. ترحلت».