وينادي الناس بالحفائط والصبر. قال : وشدّ قبابة (١) بن أسامة فقاتل قتالا شديدا وجعل يرتجز (٢) ويقول :
إن تفقدوني تفقدوا خير فارس |
|
لذي الغمرات والرئيس المحاميا |
وذا فخر لا يملأ الهول قلبه |
|
ضروبا بنصل السيف أروع ماضيا (٣) |
قالوا فكسر في القوم ثلاث رماح يومئذ وقطع سيفين ، وأخذ يقول كلما قطع [سيفا](٤) أو كسر رمحا : من يعير سيفا أو رمحا في سبيل الله رجلا حبس نفسه مع أولياء الله ، قد عاهد الله أن لا يفر ولا يبرح حتى يقاتل المشركين حتى يظهر المسلمون أو يموت. فكان من أحسن الناس بلاء في ذلك اليوم.
قالوا : ونزل أيضا أبو الأعور السلمي فقال : يا معشر قيس خذوا نصيبكم من الأجر والصبر فإن الصبر في الدنيا عزّ ومكرمة. وفي الآخرة رحمة وفضيلة. فاصبروا وصابروا.
ثم إن الناس حيزوا إلى القلب وفي القلب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل حيث وضعه أبي عبيدة بن الجرّاح. قال : فلما نظر سعيد إلى الروم وخافها اقتحم إلى الأرض وجثى على ركبتيه ، حتى إذا دنوا (٥) منه طعن برايته أول رجل من القوم ثم ثار في وجوههم كأنه الليث ، وأخذ يقاتل ويعطف الناس إليه.
قالوا وكان يزيد بن أبي سفيان يومئذ من عظم الناس غناء (٦) قد كان أبوه مرّ به فقال له : يا بني عليك بتقوى الله والصبر فإنه ليس رجل بهذا الوادي من المسلمين إلّا محفوفا (٧) بالقتال فكيف بك وبأشباهك الذين ولوا أمور المسلمين؟ أولئك أحق الناس
__________________
(١) كذا بالأصل وخع ، وفي ابن حبيش «قباث بن أشيم» وهو الصواب ، وانظر ما تقدم فيه ، والإصابة والاستيعاب.
(٢) كذا ، والبيتان التاليان ليسا برجز.
(٣) غزوات ابن حبيش ص ٢٧٧.
(٤) عن خع وغزوات ابن حبيش ١ / ٢٧٧.
(٥) عن مختصر ابن منظور وبالأصل : دنا.
(٦) بالأصل وخع «شيئا» والمثبت عن ابن حبيش ومختصر ابن منظور.
(٧) عن خع وبالأصل «محفوظا» وفي ابن حبيش : «محقوق».