بالعدل إلّا هذين الحيّين من لخم وجذام فلا حق لهم لله.
فقام إليه أبو حديدة الأجذمي فقال : ننشدك الله يا عمر في العدل. فقال عمر : العدل أريد. أنا أجعل أقواما أنفقوا في الظّهر وشدوا العرض وساحوا في البلاد مثل قوم مقيمين في بلادهم؟ ولو أن الهجرة كانت بصنعاء أو بعدن ما هاجر إليها من لخم ولا جذام أحد. فقام أبو حديدة فقال : إن الله وضعنا من بلاد حيث شاء وساق إليها الهجرة في بلادنا فقبلناها ونصرناها. أفذلك يقطع حقنا يا عمر؟ ثم قال : لكم حقكم مع المسلمين.
ثم قسم فكان للرجل نصف دينار ، فإذا كانت معه امرأته أعطاه دينارا.
ثم دعا ابن قاطورا (١) صاحب الأرض فقال : أخبرني ما يكفي (٢) الرجل من القوم في الشهر واليوم؟ فأتي بالمدي والقسط ، فقال يكفيه هذا المديان في الشهر وقسط زيت وقسط خل ، فأمر عمر بمدين من قمح فطحنا ثم عجنا ثم أدّمهما بقسطين زيت ، ثم أجلس عليهما ثلاثين رجلا فكان كفاف شبعهم ، ثم أخذ عمر المدين بيمينه والقسط بيساره ثم قال : اللهم لا أحلّ لأحد أن ينقصهما بعدي. اللهم فمن نقصهما فأنقص من عمره.
أخبرنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان ، أنا أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن المبارك ، أنا عبد الله بن الحسين بن عبيد الله بن عبدان ، أنبأ عبد الوهّاب الكلابي ، أنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلّاب نا (٣) هشام بن عمّار ، نا الهيثم بن عمران سمعت جدي يقول : لما ولي عمر بن الخطاب زار أهل الشام فنزل بالجابية ، وكانت دمشق تشتعل طاعونا. فهمّ أن يدخلها فقال له أصحابه : أما [علمت أن](٤) النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا حلّ بكم الطاعون فلا تهربوا منه [ولا](٥) تأتوه حيث هو» [٤٥٣] وقد علمت أن أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم فرحانين (٦) لم يصبهم طاعون قط. فأرسل عند ذلك
__________________
(١) في مختصر ابن منظور ١ / ٢٢٥ ابن ناطورا.
(٢) بالأصل وخع : «ما يلق» والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٣) عن خع وبالأصل «بن» تحريف.
(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٢٥.
(٥) زيادة عن خع.
(٦) كذا بالأصل وخع ، خطأ ، والصواب «قرحانون» أي لم يصبهم داء قبل ذلك (انظر النهاية).