الهيثم بن عمران قال : كتب هشام بن عبد الملك إلى كلثوم بن عياض وبلغه أن خالدا القسري اشترى أرضا من أرض الغوطة بغير إذنه فقال : أيشتري أرضا بغير إذني؟ فأمر سالما الكاتب أن يكتب إلى كلثوم بن عياض : عزمت عليك أن (١) تضع كتابي من يدك حتى تغرم الوليد بن عبد الرحمن عاملي على الغوطة أربعمائة دينار وتبعث بها إليّ ، إذا اشتريت أرض (٢) بغير إذنه. وكتب إلى كلثوم أن اضرب وكيلي القسري مائة مائة ، وأطف بهما ، ومر من ينادي عليهما : هذا جزاء من اشترى أرضا بغير إذن أمير المؤمنين. وذلك أنه وجد فيما وضع عمر بن عبد العزيز حين استخلف ، [قال :](٣) هل نهت الولاة قبلي عن شري الأرض من أهل الذمة (٤)؟ قالوا : لم ينهوا. قال : فإني قد سلّمت لمن اشترى ، ولكن من اليوم أنهى عن بيعها ، إنها من أرض المسلمين ، دفعت إلى أهل الذمة على أن يأكلوا منها ويؤدوا خراجها ، وليس لهم بيعها. ومن اشترى بعد اليوم فيعاقب البائع والمشتري وترد الأرض إلى النبطي ويؤخذ الثمن من المسلم فيجعل في بيت المال ، لما انتهكوا من المعصية. ويدخل المال الذي أخذ النبطيّ بيت مال المسلمين لما وضع عمر في ذلك الديوان. فهي المدة ، ما كان قبل المدة ، يعني قبل عمر بن عبد العزيز ، وما كان بعد المدة ، يعني بعد عمر.
قال أبو زرعة : فاستحسن أحمد بن محمّد بن مدبر هذا الحديث وأنكر العقوبة.
فقلت له : لا تنبذ له رأيه ، وأخبرته بحديث حدّثنيه هشام بن عمار ، نا يحيى بن حمزة ، حدثني بعض مشيختنا عن إسحاق بن مسلم وكان عاملا لعمر بن عبد العزيز على خراج الأردن ، فكتب إلى عمر :
أما بعد فإني وجدت أرضا من أرض أهل الذمة بأيدي ناس من المسلمين ، فما يرى أمير المؤمنين فيها؟ فكتب إليه : إن تلك أرض أوقفها أول المسلمين على آخرهم. فامنع (٥) ذلك البيع إن شاء الله والسلام.
__________________
(١) الأصل وخع ، وفي مختصر ابن منظور ١ / ٢٣٥ «ألّا تضع» وفي المطبوعة ١ / ٥٨٧ أن لا تضع.
(٢) بالأصل : «إذا اشتريت أرضا» ومثله في خع ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٣) الزيادة عن مختصر ابن منظور.
(٤) بالأصل وخع : «المدينة» والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٥) عن خع ومختصر ابن منظور وبالأصل «فامتنع».