فيه ورفّع ، حتى ظنناه في طائفة النخل. فلما رحنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عرف ذلك فينا فقال : «ما شأنكم؟» قال : قلنا : يا رسول الله ذكرت الدّجّال الغداة فخفّضت فيه ورفّعت حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال : «غير الدّجّال أخوفني عليكم : إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم ، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كلّ مسلم. إنه شاب قطط عينه طافية ، كأن يشبّه بعبد العزّى بن نظير (١).
فمن رآه فليقرأ فواتح سورة أصحاب [الكهف](٢) ثم قال : «إنه يخرج من خلّة بين الشام والعراق. فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله اثبتوا» قال : قلنا : يا رسول الله ما لبثه في الأرض؟ قال : «أربعون يوما ، يوما كسنة ويوما كشهر ويوما كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم» قال : قلنا : يا رسول الله ما سرعته (٣) في الأرض؟ قال : «كالغيث استدبرته الريح. قال : فيأتي على القوم فيدعو عليهم فيؤمنون به ويستجيبون له ، فيأمر السماء فتمطر ، ويأمر الأرض فتنبت ، فروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى وأسبغه (٤) ضروعا وأمده خواصر. قال : ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله ، فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء. ثم يمرّ بالخربة فيقول لها : أخرجي كنوزك فيتبعه كنوزها كأنها يعاسيب النحل ، ثم يدعو شابا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين ومنه (٥) العرض ثم يدعوه فيقبل فيتهلل وجهه يضحك ، فبينما هو كذلك إذ بعث الله عيسى بن مريم ينزل عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق بين مهروذتين (٦) واضعا كفيه على أجنحة ملكين. إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدّر منه جمان كاللؤلؤ. ولا يحلّ لكافر يجد ربح نفسه [إلّا مات](٧) ونفسه ينتهي حين ينتهي طرفه ، فيطلبه حتى يدركه عند باب لدّ (٨) فيقتله. ثم يأتي نبي الله عيسى قوما قد عصمهم الله منه فتمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم. قال : فبينما هو كذلك إذ
__________________
(١) كذا بالأصل وخع ، وفي مختصر ابن منظور ١ / ٢٤٨ : فطن.
(٢) زيادة عن خع.
(٣) بالأصل وخع : «وشرعته» والمثبت عن المطبوعة وفي مختصر ابن منظور : إسراعه.
(٤) عن مختصر ابن منظور ، وبالأصل «واستعد» وفي خع : «واسعة».
(٥) الأصل وخع ، وفي مختصر ابن منظور : رمية الغرض.
(٦) الثوب المهرود (بالدال المهملة) مصبوغ بالورس ثم بالزعفران (اللسان : هرد).
(٧) الزيادة عن مختصر ابن منظور ، سقطت من الأصلين.
(٨) بلد في فلسطين.