بسلامة (١) منهم وخير أصابوه حزنوا. وعرف ذلك منهم (٢) كل عدوّ لهم بالمدينة فلم يبق أحد من المنافقين أعرابي ولا غيره إلّا استخف بعمل خبيث ، ومنزلة خبيثة واستعلن ، ولم يبق ذو علّة إلّا هو ينتظر (٣) الفرج فيما ينزل الله في كتابه. ولم تزل سورة براءة تنزل حتى ظن المؤمنون الظنون ، وأشفقوا أن لا تفلت منهم كبير أحد أذنب في شأن التوبة قط ذنبا إلّا أنزل فيه أمر بلاء ، حتى انقضت وقد وقع كل عامل تبيان منزله من الهدى والضلالة.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد ـ إجازة ـ نا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس ، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري ، عن الزّهري أن قائد كعب بن مالك الذي كان يقود به حين عمي حدثه قال : حدثني كعب بن مالك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنه كان إذا أراد المسير في الغزاة أذن في المسلمين بالجهاز (٤) وكتمهم أين يجاهدون مكيدة للعدو. وما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يؤذن بالجهاز (٤) إلّا وعندي بعير فأقوى به على الخروج معه. حتى كانت تبوك فكانت في حر شديد وحين أقبلت الثمرة. فأذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالجهاز إلى تبوك وبيّنها للمسلمين. ووافق ذلك عندي بعيرين ، فرأيت أني قوي على الخروج ، فتجهز رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمون ، وأغدو أنا لأتجهز فو الله لكأنما أربط فأرجع وما قطعت (٥) شعرة وعندي بعيران ، وأنا أرى أني قوي على الخروج إذا أردت. فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمون. ثم ذهبت أتحرى فإذا أنا أرى رجلا تخلّف إلّا رجلا مغموصا عليه في دينه. غير أني قد رأيت رجلين من الأنصار صحيحين كدت أسكن إليهما : هلال بن أمية الواقفي (٦) ، ومرارة العمري (٧). حتى إذا أيست من الخروج قلت : اعتذر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا رجع.
__________________
(١) كذا بالأصل «بسلامة منهم» وفي المطبوعة : «بسلامتهم».
(٢) في الأصول : «منهم فيهم».
(٣) عن خع وبالأصل «ينظر».
(٤) عن خع ومختصر ابن منظور ١ / ١٦٠ وبالأصل «بالجهاد».
(٥) عن خع ومختصر ابن منظور وبالأصل «وقطفت».
(٦) هذه النسبة إلى واقف بطن من الأوس (الأنساب).
(٧) العمري نسبة إلى بني عمرو بن عوف (انظر الاستيعاب).