وأخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (١) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قالا : نا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير قال : قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم من عمرة القضاء المدينة في ذي الحجة ، فأقام بالمدينة حتى بعث إلى مؤتة في جمادى [الأولى] من سنة ثمان قال : وأمّر رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الناس في مؤتة زيد بن حارثة ثم قال : «فإن أصيب زيد فجعفر فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة ، فإن أصيب فليرتض المسلمون رجلا فليجعلوه عليهم» [٤١١].
فتجهز الناس وتهيئوا للخروج. فودّع الناس أمراء رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسلموا عليهم.
وودّعوا عبد الله بن رواحة ـ وقال البيهقي : فلما ودعوا عبد الله بن رواحة بكا فقالوا : ما يبكيك يا ابن رواحة؟ قال : أما والله ما بي حبّ الدنيا ولا صبابة إليها ، ولكني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ ـ وقال البيهقي : ولكني سمعت الله يقول : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) (٢) فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود. فقال المسلمون : صحبكم الله ، وردكم إلينا صالحين ، ودفع عنكم. فقال ابن رواحة :
لكنني أسأل الرّحمن مغفرة |
|
وضربة ذات قرع تقذف الزّبدا (٣) |
أو طعنة بيدي حرّان مجهزة |
|
بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا |
وقال البيهقي : حمران بدل حران (٤) :
حتى يقولوا وقد مرّوا على جدثي |
|
يا أرشد (٥) الله من غاز وقد رشدا |
ثم أتى عبد الله بن رواحة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فودعه ثم قال ـ وقال البيهقي : فقال :
وثبّت الله ما أتاك من حسن |
|
تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا |
إني تفرست فيك الخير نافلة |
|
والله يعلم أني ثابت البصر (٦) |
__________________
(١) خبر غزوة مؤتة في دلائل النبوة للبيهقي ٤ / ٣٥٨ وما بعدها ، سندقق الأصل حسب رواية الدلائل.
(٢) سورة مريم ، الآية : ٧١.
(٣) في دلائل البيهقي : «فرغ» يريد طعنة واسعة.
(٤) كذا ، والذي في دلائل النبوة للبيهقي : حران.
(٥) في دلائل البيهقي : «أرشده الله» بدل «يا أرشد الله».
(٦) في البيت إقواء ، وقد وردت الأبيات في سيرة ابن هشام ٣ / ٣٢٤ برواية : ـ