خمسا إذا ما سارها الجبس بكى |
|
ما سارها من قبله أنس أرى (١) |
ثم إن خالد بن الوليد أغار على أهل سوى ، وهو ماء بهراء ، قبل الصبح ، وهم يشربون شرابا لهم في جفنة قد اجتمعوا عليها. ومغنيهم يقول :
ألا عللاني قبل جيش أبي بكر (٢) |
|
لعل منايانا قريب وما ندري |
فزعموا أن ذلك الرجل المغني قتل تحت الغارة فسال دمه في الجفنة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلص ، أنا رضوان بن أحمد الصيدلاني ـ إجازة ـ نا أحمد بن عبد الجبار العطار ، نا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال : فحدثني صالح بن كيسان ورجل من طيء عن من حدثهما عن رافع بن عميرة. قال : ثم مضى خالد حين فرغ من عين التمر حتى أغار على ناس من النمر بن قاسط على ماء لهم يقال له قراقر ثم دعا رافع بن عميرة فقال : إنها قد جاءتني عزيمة من الأمير بأن أسير إلى الشام. فقال : إن بينك وبين المنهل الذي تريد الآن مسيرة خمس ليال جياد لا تجد فيهن قطرة ماء. حتى تأتي ماء يقال لها سوى. وإنك لا تستطيع ذلك بالخيول والإبل. وقال : إن الراكب المفرد لتهمه نفسه فيه. فقال : ما لي من ذلك بد. فمرنا أمرك. فقال : من استطاع منكم أن يصرّ أذن ناقته على ماء فليفعل ، وابغنى (٣) عشرين جزورا عظاما سمانا مسانّ. فجاءه بهن فظمّأهن أياما حتى إذا أجهدهن العطش أوردهن فشربن ، حتى إذا امتلأن عهد (٤) إليهن فقطع مشافرهن وكعمهن (٥) لئلا يجتررن. وحلّ أدبارهن لئلا يبلن. ثم قال : سيروا واستكثروا من الماء لشفاهكم. فخرج فكلما نزل منزلا افتظ (٦) منهن أربعا فسقى ما في كروشهن الخيول وشرب الناس مما عليهن (٧). حتى انتهى إلى سوى في اليوم الخامس. وهو أرمد ، فقال : انظروا شجرة مثل مقعدة الرجل من عوسج ، فنظر الناس فقالوا : ما نراها. قال :
__________________
(١) تقدم الرجز ، انظر ما لاحظناه قريبا.
(٢) عن فتوح البلدان ١١٤ والطبري ٣ / ٣٨١ وبالأصل : إلى بلى.
(٣) بالأصل «وبغنى».
(٤) في المطبوعة : عمد.
(٥) بالأصل : «وطعمهن» والمثبت عن الطبري.
(٦) بالأصل «افتض» وافتظها : عصر ماء كروشها.
(٧) بالأصل «عليهم».