فقال : نعم ، يا أمير المؤمنين هاهنا خطأ فقال عند ذلك المأمون : يا إبراهيم لا تمار إسحاق بعد اليوم فإن رجلا فهم الخطأ بين ثمانين وترا وعشرين حلقا لجدير بأن لا تماريه ، فقال : صدقت يا أمير المؤمنين.
أخبرنا أبو العز بن كادش ـ فيما قرأ عليّ أسناده ، وناولني إياه وقال : اروه عني ـ أنا أبو علي الجازري ، أنا المعافى بن زكريا (١) ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثني أبو الفضل الرّبعي ، حدّثني إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال : قال لي علي بن هشام (٢) قد عزمت على الصبوح فاغد عليّ. فعاقني عائق فشغلني عن البكور إليه ، فجئت في وقت الظهر وعنده مخارق فقال لي : يا إسحاق أين كنت؟ فقلت : شغلني ـ أعز الله الأمير ـ ما لم أجد من القيام به بدا ، ثم دعا لي بطعام وجلسنا على شرابنا ، فغنى مخارق صوتا من الطويل شعر المؤمل والغناء لأبي سعيد مولى فائد وهو :
وقد لامني في حب مكنونة التي |
|
أهيم بها أهل الصفاء فأكثروا |
يقولون لي : مهلا وصبرا فلم أجد |
|
جوابا سوى أن قلت : كيف التّصبّر |
أأصبر عن نفسي وقد حيل دونها |
|
وواقعني (٣) منها الذي كنت أحذر |
وفرق صرف الدهر بيني وبينها |
|
فكيف تقر العين ، أم كيف تحبر (٤) |
فأخطأ فيه فقلت : أخطأت ويلك ، ثم غنّى صوتا من البسيط ، شعره لحميد بن ثور ، والغناء للهذلي وهو :
يا موقد النار بالعلياء من إضم |
|
قد هجت لي سقما يا موقد النار |
يا ربّ نار هدتني وهي (٥) موقدة |
|
بالندّ والعنبر الهندي والغار |
تشبّها إذ خبت أيد مخضّبة |
|
من ثيّبات مصونات وأبكار |
قلوبهن ولم تبرحن شاخصة |
|
ينظرن من أين يأتي الطارق الساري (٦) |
__________________
(١) الخبر في الجليس الصالح الكافي ط بيروت ص ٢٢٨ وبغية الطلب ٣ / ١٤٢٣ والأغاني ٥ / ٣٠٦ برواية أحمد بن يحيى المكي ، وورد في آخر الخبر في الأغاني أنه يروي عن أبي الفضل الربعي.
(٢) في الأغاني أن الذي دعاه الفضل بن الربيع.
(٣) الجليس الصالح : ووافقني.
(٤) سقط البيت من الجليس الصالح.
(٥) عن الجليس الصالح وبالأصل «وهو».
(٦) الأبيات ليس في ديوانه.