قال : وحدثني محمد بن أبي سهل ، عن أبي عبد الرّحمن ، أنا حمّاد بن أبي ليلى قال : رثى سليمان بن قتة أسد بن عبد الله فقال :
سقى الله بلخا حزن بلخ وسهلها |
|
ومروي خراسان السّحاب المجمّما |
وما بي سقياها ولكنّ حفرة |
|
بها ضمنوا شلوا كريما وأعظما |
مراجم أقوام ومردي خصومة |
|
وطالب أوتار عفرنا عثمثما |
أبا ضاريات ما يرام عرينه |
|
نفى العز عنه الضيم أن يتهضما |
لقد كان يعطي السيف في الروع حقّه |
|
ويروي السنان الزاعبيّ المقوّما |
[قرأت](١) بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف المقرئ وأنبأنيه أبو القاسم النسيب وأبو الوحش المقرئ عنه ، نا أبو أحمد عبيد الله بن محمد الفرضي ، نا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم المقرئ ـ إملاء ـ نا إسماعيل بن يونس ، نا عمر بن شبة حدّثني يحيى بن يزيد الفرائضي قال : كان الرشيد يوما يذكر القسريين ، يعني خالدا وأمية وأسدا ، فقال لبعض جلسائه ذات يوم : هل تعرف من أخبارهم شيئا يكون فيه حث على مكرمة أو تأديب لرعية أو عظة لملك ، فقد كانت لهم أخبار أحبّ أن أسمع بعضها. فقال له : يا أمير المؤمنين كان سليمان التيمي الشاعر مولى بني مرّة يرثي أسد بن عبد الله ـ وكان صديقا له ـ فلما أتاه نعيه قال سليمان :
سقى الله بلخا حزنها وسهولها |
|
ومروي خراسان السّحاب المجمجما |
وما بي ليسقاه ولكنّ حفرة |
|
بها ضمنت شلوا كريما وأعظما |
أيا ضاريات ما يرام عرينه |
|
نفى الضيم عنه العزّ أن يتهضّما |
لقد كان يعطي السيف في الروع حقّه |
|
ويروي السنان الزاعبيّ المقوّما |
فلما أنشدت هذه الأبيات سمعها عبادي من أهل الحيرة فقال : هالك والله لقد وجده الموت ذليلا وما أغنى عنه عزّه فتيلا ، وهو في التراب حاسرا مسئولا ، قد تبرأ منه الحميم وأسلمه الخليل والنديم إلى رب العرش الكريم ، فيسأل عما قدّم ويؤخذ بما اجترم ، فبلغ ذلك خالدا أخاه ما قال العبادي فدعا به فضربه مائة سوط وحلق لحيته وقال : يا ابن الخبيثة ومن لمن يذل للموت؟ فقال العبادي : أصلح الله الأمير لو كنت
__________________
(١) زيادة لازمة.