وتحدّثوننا عن أبي بكر وعمر (١).
وقد صرّح الإمام علي بأنّ الخلفاء من قبله قد عملوا أعمالا خالفوا فيها رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله مغيّرين لسنته ، وعدّ منها المتعتين (٢) ، فكيف ينسب بعد ذلك إلى علي القول بالتحريم!! ويزيد الأمر وضوحا أن الخلفاء في العهد العباسيّ كانوا قد عقدوا جلسات المناظرة مع الأئمّة من ولده ، وكان السؤال عن المتعة في رأس قائمة الأسئلة المطروحة في تكلم المناظرات التي حفظها لنا التاريخ؟! فلو كان المنع قد ثبت عن عليّ ، فما الإصرار من قبل آله في الدفاع عن حلّية التمتّع؟
ولما ذا غدا أشياع علي ـ إذن ـ موضع سهام الانتقاد والمحاربة ، من أجل القول بمشروعيتها؟ ولم تحارب الشيعة من أجله حتى اليوم؟! نعم ، إنّ الحلّية قد ثبت صدورها عن عليّ بطرق متعدّدة عند الفريقين وأجمع عليها أئمة التعبّد المحض ، وهو المحفوظ عنه في الصحاح والأخبار ، وأمّا حديث المنع المدّعى فيها وفي غيرها ـ عنه وعن غيره ـ فقد انفرد بنقله أنصار مدرسة الاجتهاد والرأي لمصالح ارتضوها!! (٣).
وممّا يزيد الأمر تلبيسا هو اختلاف نقلهم عن عليّ ، فتارة نقلوا عنه أنه قال : نهى عنها رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يوم خيبر ، وفي آخر : في يوم حنين ، وفي ثالث في غزوة تبوك (٤) ، وكذلك الحال بالنسبة إلى من نسبوا لهم بواطل الأقوال ، كل ذلك لتأكيد النسبة إليهم بهذه القيود الإضافية! ومثل قضية المتعة مسألة صلاة التراويح ، فقد ثبت عن عمر قوله «نعمت البدعة هذه» (٥).
__________________
(١) زاد المعاد ١ : ٢١٩.
(٢) انظر كتاب الروضة من الكافي ٨ : ٦١.
(٣) انظر منع تدوين الحديث ، لنا : ٢٧٩ بتصرف.
(٤) فتح الباري ٩ : ١٣٧ ، أحكام القرآن للقرطبي ٥ : ١٣١.
(٥) صحيح البخاري ٣ : ٥٨ ، تاريخ المدينة ٣ : ٧١٣ ، الرياض النضرة ١ : ٣٠٩ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٤٠.