فيكون الخبر مرسلا ، أو تعود على شعيب فيكون الجد عبد اللّٰه فيكون الحديث مسندا متصلا ، لأنّ شعيبا سمع من جده عبد اللّٰه بن عمرو ، فإذا كان الأمر كذلك فليس لأحد أن يفسر الجد بأنّه عبد اللّٰه بن عمرو إلّا بحجة ، وقد يوجد في بعض الأحاديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد اللّٰه بن عمرو ، فيرتفع النزاع (١).
هذه هي أهم الأقوال في عمرو بن شعيب ، وقد اتضح لك أنّ طائفة من أساطين العلم كابن القطان وابن حبان وأبي إسحاق الشيرازي وغيرهم أنكروا أن يكون السند تاما من جميع الوجوه إلى النبي صلىاللهعليهوآله ـ أعني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ـ ، وذلك لأنّ الجدّ هنا غير معين ، فلعله يكون محمد بن عبد اللّٰه بن عمرو ، وهذا يعنى أنّ السند منقطع ، ولعله يكون عبد اللّٰه بن عمرو بن العاص ، وأنت تعلم بأنّ مجيء الاحتمال يبطل الاستدلال ، على أنّ البعض كابن حبان وغيره صرحوا : بأنّ شعيب لا يصح له سماع من عبد اللّٰه بن عمرو بن العاص ، وهذا يعني أنّ هذا السند ضعيف على كلا الاحتمالين سواء احتمل أن يكون الجد هو عبد اللّٰه بن عمرو ابن العاص ، أو أنّه يكون محمد بن عبد اللّٰه بن عمرو بن العاص ، هذا شيء.
والشيء الآخر الذي يقال هنا هو ما صرح به ابن حبان وغيره : من أنّ في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مناكير كثيرة رواها عنه ثقات لا ضعفاء فقط ، وهذا مما يجعل الاعتماد على مروياته مشكل جدا.
وللنووي قول قد تعنّت فيه ، وإليك نصه : فإذا عرفت هذا فقد اختلف العلماء في الاحتجاج بروايته هكذا (٢) فمنعه طائفة من المحدثين كما منعه المصنّف وغيره من أصحابنا ، وذهب أكثر المحدثين إلى صحة الاحتجاج به وهو الصحيح المختار (٣).
ومختار النووي هذا جاء لما روي عن البخاري قوله : رأيت أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني .. يحتجون بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، ما تركه أحد من المسلمين.
وكذا قول البخاري : من الناس بعدهم؟.
__________________
(١) نصب الراية ٢ : ٣٣١ ـ ٣٣٢.
(٢) يعني بذلك روايته عن أبيه عن جده.
(٣) المجموع في شرح المهذب ١ : ٦٥.