وكذلك قوله تعالى لموسى عليهالسلام : (اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) [البقرة : ٢ / ٦٠] ، و [الأعراف : ٧ / ١٦٠] ، و [الشعراء : ٢٦ / ٦٣] ، أراد تعالى أن ينبع له الماء بواسطة الضّرب حتى تظهر كرامته عند بني إسرائيل.
وكذلك في البحر حين ضربه فانفلق (١).
وكذلك عيسى ـ عليهالسلام ـ كان يركض القبور فيحيي الله به الموتى ، ويلمس الطّين فيصير طائرا بإذن الله.
وكذلك نبيّنا عليهالسلام لمس الماء فنبع من بين أصابعه ، ولمس الطعام فنما وزيد فيه ، وتفل في بئر فعذبت وكثر ماؤها ، وتفل في عين عليّ كرم الله وجهه فبرأت من داء الرّمد ، وشربت أمّ أيمن بوله فبرأت من داء البطن ، وتفل على رجل أبي بكر الصّديق رضياللهعنه في الغار حين لسعته العقرب فبرئ في الحين (٢).
فليت شعري ما الّذي أغفل أولئك الجلّة (٣) عن هذه الأدلة حتّى يغضّوا من مقام مريم عليهاالسلام بالهزّ وهو الأعلى ، كما ترى أيها اللّبيب الفطن المتناصف؟!.
__________________
(١) تراجع الآية الكريمة من سورة [الشعراء : ٢٦ / ٦٣].
(٢) يراجع كتاب الشّفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض (طبعة البجاوي بدار إحياء الكتاب العربية):
ـ نبع الماء ٤٠٢ ـ ٤٠٥ ـ وتكثير الطعام ببركته ودعائه ٤١٠ ، ٤١٢ ، ٤١٦ ـ وتفجير الماء.
ـ وإبراء ذوي العاهات (العين) ٤٥٣ ـ ٤٥٤ ـ وشرب المرأة بوله ٩٠.
(٣) في الأصل : الخلّة ، وهو تصحيف صوابه : الجلّة أي العظماء السّادة ، يعني أهل الإشارة (الصوفيّة) الذين ذكرهم في أوّل حديثه عن مريم فقال : «... وذلك أن معظم أهل الإشارة رحمهمالله أصفقوا على أنّ مريم عليهاالسلام كان مقامها في الغرفة أعلى ممّا كان عند النخلة».
ـ ومعنى : أغفلهم : جعلهم يغفلون.