وجاء عنه عليهالسلام أنّه قال (١) : «النّاس عيال الله وأحبّهم إلى الله أنفعهم لعياله».
والمنفعة على ضربين : دنيويّة وأخرويّة.
فالأخروية : إرشاد المكلّف وتعليمه ما يلزمه من وظائف التّكليف.
والدّنيوية : معالجة المعيشة بالأسباب العادية التي يقوم بها أود الحاجات وإبقاء رمق الحياة. فقد انحصرت المنفعة الدّنيوية في الكسب ، وفيه أيضا سبب للمنفعة الأخروية ، فإنّه لو لا سدّ الجوعة وستر العورة على مقتضى الشّرع ومجرى العادة لم تكن حياة ولا تصوّرت عبادة. فأهلا بالكسب وأهله فإنهم أحبّ الناس إلى الله تعالى.
وكيف يعاب الكسب أو يغضّ من قدره وقد أثبته سيّد الرسل صلىاللهعليهوسلم لنفسه حيث قال (٢) : «جعل رزقي تحت ظلّ رمحي» يعني ما يأكل من الغنائم بسبب الكسب بالرّمح. وما فوق مقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم مقام.
وأمر الله تعالى داود عليهالسلام بالكسب حيث قال له : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) [سبأ : ٣٤ / ١١] يعني سابغات الدّروع (٣). ولذلك أخبر عليهالسلام أنّ داود عليهالسلام كان يأكل من كسبه في عمل الدّروع.
وكذلك جاء في الأثر أنّ سليمان عليهالسلام كان يأكل من عمل الخوص (٤).
__________________
(١) في كشف الخفاء ١ / ٤٥٧ برواية : «الخلق كلّهم عيال الله ، فأحبّ الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله» وأشار إلى روايات أخر ، ونقل عن النووي وابن حجر أنّ الحديث ضعيف ، ورد من طرق كلّها ضعيفة.
(٢) في مسند أحمد ٢ / ٥٠.
(٣) وفي سورة [الأنبياء : ٢١ / ٨٠] (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ).
(٤) في صحيح البخاري ٣ / ٩ من حديث المقدام رضياللهعنه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما أكل أحد طعاما قطّ خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإنّ نبيّ الله داود عليهالسلام كان يأكل من عمل يده».