وجاء عنه عليهالسلام أنه قال (١) : «اطلبوا الرّزق في خبايا الأرض». يعني فيما يزرع. وقال عليهالسلام لصاحب النّاقة (٢) : «اعقلها وتوكّل».
وهذه الأخبار تدلّ على إثبات الكسب شرعا ، وأنّه لا يقدح في التوكّل.
فخرج من هذه الأحاديث إثبات الكسب شرعا ، وأنّ مريم ـ عليهاالسلام ـ كان مقامها في تلك الحالة إعلاء ، لكونها جمعت بين الكسب والتوكّل.
وقد نظمت في ذلك على نقيض ما نظموه في قولهم إذ قالوا (٣) :
ألم تر أن الله أوحى لمريم |
|
إليك ، فهزّي الجذع تساقط الرّطب |
فقلت :
أما علموا أنّ المقام سما بها |
|
لأن جمعت بين التوكّل والسّبب |
بأن لمست جذعا فأينع رأسه |
|
على الحين أفنانا وأثمر بالرّطب |
كما مسّ أيّوب اليبيس برجله |
|
ففارت عيون طهّرته من الصّخب |
ومسّ كليم الله بالعود صخرة |
|
ففجّر من أرجائها الماء فانسكب |
ومسّ المسيح الطّين بالخلق فانتشا |
|
طيورا بإذن الله أحياء تضطرب |
ومسّ يمين المصطفى الماء نطفة |
|
ففاضت عيون الماء من خلل العصب |
فعضّ على هذه القولة يا أيها المتناصف الفطن بالنّواجذ ، وشدّ عليها كفّ الضّنين فإنها قولة مقصودة بالبرهان ، ونادرة ما أراني سبقت إليها. واعرف الرّجال بالعلم ، ولا يعرف العلم بالرّجال. فمن كلّ كلام مأخوذ ومتروك إلاّ من كلام صاحب القبر صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) الحديث في كشف الخفاء ١ / ١٥٤ قال : «رواه ابو يعلى والطبراني والبيهقيّ بسند ضعيف عن عائشة».
(٢) الحديث في كشف الخفاء ١ / ١٦١.
(٣) في تسجيل القصة القرآنية ورواية مضمونها.
ـ والنّطفة : القليل من الماء ، يبقى في دلو أو قربة. ومن خلل العصب : أي من خلال عصب أصابعه عليهالسلام.