الرجلُ يعير عَيَراناً ، وهو تردده في ذهابه ومجيئه. ومنه قيل : كلب عيَّار وعائر. وهذا من ذوَات الياء.
وأما العاريّة والإعارة والاستعارة فإن العرب تقول فيهما : هم يتعاورون العواريّ ويتعوَّرونها بالواو ، كأنهم أرادوا تفرقة بين ما يتردّد من ذات نفسه وبين ما يُردَّد.
وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال : العارية منسوبة إلى العارة ، وهي اسم من الإعارة. يقال : أعرته الشيء أُعيره إعارة وعارة ، كما قالوا : أطعته إطاعة وطاعة ، وأجبته إجابة وجابة. وهذا كثير في ذوات الثلاث ؛ منها العارة ، والدارة ، والطاقة ، وما أشبهها. ويقال : استعرت منه عارِيّة فأعارنيها.
وقال الليث : سمِّيت العارية عاريّة لأنها عارٌ على من طلبها : قال : والعار : كل شيء تلزم به سُبّة أو عيب. والفعل منه التعيير.
قال ومن قال هذا قال : هم يتعيّرون من جيرانهم الماعون والأمتعة.
قلت : وكلام العرب يتعوَّرون بالواو والمعاورة والتعاور : شبه المداولة والتداول في الشيء يكون بين اثنين.
ومنه قول ذي الرمة :
وَسِقط كعين الديك عاوَرت صاحبي |
أباها وَهيَّأنا لموقعها وَكْرا |
يعني الزند وَما يسقط من نارها وَأنشد ابن المظفر :
* إذا رَد المعاوِر ما استعارا*
وَيقال : تعاوَر القوم فلاناً ، واعتوروه ضرباً إذا تعاونوا عليه. فكلما أمسك واحد ضَرب وَاحد ، وَالتعاور عام في كل شيء. وَتَعاوَرت الرياحُ رسم الدار حتى عَفَته أي تواظبت عليه. قال ذلك الليث.
قلت : وَهذا غلط. ومعنى تعاوَرت الرياح رسم الدار : تداوَلته ، فمرة تَهُبّ جَنُوباً ، وَمرة تهبّ شمالاً ، وَمرة قَبُولاً ، وَمرة دَبُوراً.
وَمنه قول الأعشى :
دِمْنة تَفْرة تعاوَرَها الصي |
ف بريحين من صَبَا وَشَمالِ |
وَقال أبو زيد : تعاوَرنا العواريّ تعاوُراً إذا أعار بعضكم بعضاً ، وتعوَّرنا تعوُّراً إذا كنت أنت المستعير ، وَتَعاوَرنا فلاناً ضرباً إذا ضربته مرة ، ثم صاحبُك ، ثم الآخر أيضاً.
وقال ابن الأعرابي : التعاور والاعتوار : أن يكون هذا مكان هذا وهذا مكان هذا يقال اعتوراه وابتدَّاه ، هذا مرة وهذا مرة ، ولا يقال : ابتدّ زيد عمراً ، ولا اعتور زيد عمراً. ويقال للحمار الأهلي والوحشي : عَيْر ، ويجمع أعياراً. وقد يقال : المَعْيُوراء ممدودة ؛ قال ذلك الأصمعي ؛ مثل المعلوجاء ، والمشيوخاء ، والمأتوناء ، يمدّ ذلك كله ويُقصر. ومن أمثالهم إن ذهب عَيْر فعَيْر في الرباط. ومن أمثالهم أيضاً فلان أذلّ من العَيْر ، فبعضهم يجعله الحمار الأهلي ، وبعضهم يجعله الوتِد.
وقال أبو عبيد : من أمثالهم في الرضا بالحاضر ونسيان الغائب قولهم : إن ذهب