المعنى ومنه قولهم :
* إياكِ أعني واسمعي يا جارهْ*
وتقول عنيتك بكذا وكذا عِنِيّا ، والعَناء الاسم ويقال عَنيت وتعنّيت كل يقال.
شمر عن ابن الأعرابي يقال : عنا عليه الأمر أي شقّ عليه.
وأنشد قول مزرِّد :
وشقّ على لعرىء وعنا عليه |
تكاليف الذي لن يستطيعا |
ويقال : عُني بالشيء فهو مَعْنِيّ به ، وأعنيته وعنَّيته بمعنى واحد. وأنشد :
ولم أَخْلُ في قَفْر ولم أُوفِ مَرْبأ |
يَفَاعا ولم أُعن المطِيّ النواجيا |
قال : وعنّيته : حبسته حبساً طويلاً ، وكل حبس طويل فهو تعنية.
ومنه قول عُقْبة :
قطعتَ الدهر كالسَدِم المعنّي |
تُهَدِّرُ في دمشق وما تريم |
ويقال : لقِيت من فلان عَنْية وَعَنَاء أي تَعَباً.
أبو عبيد عن الفراء : ما يَعْنَى فيه الأكلُ أي ما ينجَع. وقد عَنَى أي نجع ، هكذا رُوِي لنا عن أبي عبيد عَنَى يَعْنَى.
وروَاه ثعلب عن سَلَمة عن الفراء : شرب اللبن شهراً فلم يَعْنَ فيه كقولك : لم يُغنِ عنه شيئاً وقد عَنِيَ يَعْنَى عُنِيّاً ـ بكسر النون ـ من عَنِيَ.
قلت : والصواب ما رواه أبو العباس ، وهو قياس كلام العرب. ومن أمثالهم عَنِيَّتُه تشفى الجرب يضرب مثلاً للرجل الجيد الرأي. وأصل العنِيَّة ـ فيما روى أبو عبيد عن الأصمعي ـ أَبوال الإبل يؤخذ معها أَخلاط فتُخلط ، ثم تُحبس زماناً في الشمس ، ثم يُعالج بها الإبل الْجَرْبَى ، سُمِّيت عَنِيَّة من التعنية وهو الحبس ونحو ذلك قال أبو عمرو.
أبو العباس عن ابن الأعرابي : عنا يعنو إذا أَخذ الشيء قهراً ، وعنا يعنو عَنْوة فيهما إذا أَخذ الشيء صلحاً بإكرام ورفق. وقال الليث : عناني هذا الأمر يَعْنيني عِناية فأنا معنِيّ به ، وَقد اعتنيت بأمره. قال : ومعنى كل شيء محنته وحاله التي يصير إليها أمره.
وأَخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى قال : المَعْنى والتفسير والتأويل واحد.
وقال الليث : المُعنَّى كان أهل الجاهلية إذا بلغت إبل الرجل مائة عمدوا إلى البعير الذي أَمْأت به إبله فأغلقوا ظهره لئلا يركب ولا ينتفع بظهره ؛ ليعلم أن صاحبها مُمْء وإغلاق ظهره أن يُنزع منه سَنَاسِنُ من فِقرته ويعقر سنامه. وقال في قول الفرزدق :
غلبتك بالمفقّىء والمُعَنِّي |
وبيتِ المحتبِي والخافقات |
قال أراد بالمفقِّىء بيته :
فلستَ ولو فقَّأت عينيك واجدا |
أبالك إذ عُدَّ المساعي كدارم |
وأراد بالمعنِّي قوله : تَعَنَّى يا جرير لغير شيء