قال أبو عبيد : والحُصَاص : الضراط في قول بعضهم. قال وقول عاصم والأصمعيّ أحبّ إليّ.
قلت : والصواب ما قالا.
وقال الليث : الْحُصّ : الوَرْس وإن جمع فحصوص ، يصبغ به. وأنشد بيت عمرو بن كلثوم :
مشعشعة كأن الْحُصّ فيها |
إذا ما الماء خالطها سخيفنا |
قلت : الْحُصّ بمعنى الوَرْس معروف صحيح. وقد قال بعضهم : الْحُصّ اللؤلؤ. ولست أحُقَّه ولا أعرفه.
وقال الأعشى :
وولَّى عمير وهو كابٍ كأنه |
يُطَلّى بحُص أو يُغَشَّى بعِظْلِم |
وقال الليث : الحَصّ : إذهاب الشعر سَحْجاً ؛ كما تَحُصُ البَيْضة رأسَ صاحبها.
وفي حديث ابن عمر أن امرأة أتته فقالت : إن بنتي عُرَيِّس ، وقد تمعَّط شعرها وأمروني أن أرجلها بالخَمْر. فقال : إن فعلتِ ذاك فأَلقى الله في رأسها الحاصَّة. قال أبو عبيد الحاصَّة : ما يحُصّ شعرها : يَحلقه كلَّه فيذهب به. وقال أبو قيس بن الأسلت :
قد حصّت البيضة رأسي فما |
أطعمُ نوما غير تَهجاع |
قال : ومنه يقال : بين بني فلان رحم حاصَّة أي قد قطعوها وحَصّوها ، لا يتواصلون عليها.
وقال الليث : سنة حَصَّاء إذا كانت جَدْبة. وقال الحطَيئة :
جاءت به من بنات الطُور تَحدُره |
حَصَّاءُ لم تتَّرك دون العصا شَذَبا |
وناقة حصّاء ، إذا لم يكن عليها وَبَر.
وقال الشاعر :
عُلُّوا على شارف صعبٍ مراكبها |
حصّاء ليس بها هُلْب ولا وبر |
عُلّوا وعُولوا واحد من عَلَّاه وعالاه.
أبو عبيد عن اليزيدي : إذا ذهب الشعر كله قيل : رجل أَحَصّ وامرأة حصّاء.
وقال غيره : ريح حَصَّاء : صافية لا غبار فيها. وقال أبو قيس :
كأن أطراف الولايا بها |
في شمأل حَصَّاء زعزاع |
ويقال : انحصّ ورقُ الشجر عنه وانحتّ إذا تناثر.
وقال أبو عبيد : من أمثالهم في إفلات الجبان من الهلاك بعد الإشفاء عليه : أُفلت وانحصّ الذنب.
قال ويروى هذا المثل عن معاوية : أنه أرسل رجلاً من غَسّان إلى ملك الروم ، وجعل له ثلاث ديات على أن ينادي بالأذان إذا دخل مجلسه ، ففعل الغسَّاني ذلك ، وعند الملِك بطارقته ، فوثبوا ليقتلوه ، فنهاهم الملِك وقال : إنما أراد معاوية أن أقتل هذا غَدْراً وهو رسول فيفعل مثلَ ذلك بكل مستأمِن منا ، فجهَّزه وردّه ، فلما رآه معاوية قال : أفلت وانحصّ الذنب. فقال كلا إنه لبِهُلبه ، ثم حدَّثه