وأنشد أيضاً :
إن سرّك الرِّيُّ قُبيل الناس |
فودِّع الغَرْب بِوَهْم شاس |
ودّع الغرب أي اجعله وديعة لهذا الجمل أي أَلزِمه الغَرْب.
وأما قول الله جلّ وعزّ : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) [الأنعَام : ٩٨] فإن ابن كثير وأبا عمرو قرءا (فَمُسْتَقِرُ) بكسر القاف. وقرأ الكوفيون ونافع وابن عامر بالفتح ، وكلهم قرءوا مُسْتَوْدَعٌ بفتح الدال. وقال الفراء : معناه : (فَمُسْتَقَرٌّ) في الرحم ، (وَمُسْتَوْدَعٌ) في صُلْب الأب. ورُوي ذلك عن ابن مسعود ومجاهد والضحاك. وقال الزجاج : من قرأ (فَمُسْتَقَرٌّ) فمعناه : فلكم في الأرحام مستقر ولكن في الأصلاب مستودع. ومن قر. (فَمُسْتَقِرُ) بالكسر فمعناه. فمنكم مستقِرَّ في الأحياء ، ومنكم مستودَعٌ في الثَرَى. وقال ابن مسعود في قوله : (وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها) [هود : ٦] أي مستقرها في الأرحام ، ومستودعها في الأرض.
وروي عن ابن مسعود أنه قال : إذا كان أجل الرجل بأرض أُتِّيت له إليها الحاجة ، فإذا بلغ أقصى أثره قُبض ، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني وقال قتادة في قوله جلّ وعزّ : (وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) [الأحزَاب : ٤٨] يقول : اصبر على أذاهم. وقال مجاهد : (وَدَعْ أَذاهُمْ) أي أعرِض عنهم. وقوله : به نتودَّع الحسب المصونا أي نقرُّه على صونه وادعاً. وقال اللحياني : كلام مِيدع إذا كان يحزن ، وذلك إذا كان الكلام يحتشم منه ولا يستحن وقال الليث : وَدْعان موضع ، وأنشد :
* ببَيْض وَدْعان بَسَاطٌ سِيُّ*
قال : وإذا أمرت رجلاً بالسكينة والوقار قلت : تودَّعْ واتَّدعْ ، وعليك بالمودوع ، من غير أن يجعل له فعلاً ولا فاعلاً ؛ مثل المعسور والميسور.
وقال غيره : تودَّع فلان فلاناً إذا ابتذله في حاجته ، وتودَّع ثياب ضَونه إذا ابتذلها ، وناقة مودَّعة : لا تُركب ولا تحلب الليث : الأودع من أسماء اليربوع ويقال : توادع الفريقان إذا أعطى كلّ واحد منهما الآخرين عهداً ألا يغزوهم. واسم ذلك العهد الوَدِيع ، ومنه الحديث الذي جاء : «لكم يا بني نهد ودائع الشرك ووضائع المال». ويقال : وادعت العدو إذا هاونته موادعة ؛ وهي الهُدْنة والموادعة. وقيل في قول ابن مفرّغ :
* دعيني من اللوم بعض الدعهْ *
أي اتركيني بعض الترك.
وقال ابن هانىء : من أمثالهم في المَزْرِية على الذين يتصنّع في الأمر ولا يُعْتمد منه على ثقة : دعني من هند فلا جديدَها ودعت ، ولا خَلقَها رَقَعت.
يدع : قال الليث : الأَيدع : صِبغ أحمر ، وهو خشب البَقَّم ، وهو على تقدير أفعل. يقول : يَدَّعته وأنا أُيدِّعه تيديعاً. قال : والأودع من أسماء اليربوع.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : العَنْدَمُ : دم الأخوين. ويقال : هو الأيدع أيضاً ، ويقال : البقّم ، وقال الهذلي :