والثاني أن له أن يتحول بولاية إلى غيره إلا أنه كرهه إلا بإذن الأولين ولا يجوز أن يكون مراده عليه السلام في ذلك إلا في ولاء الموالاة لأنه لا خلاف أن ولاء العتاقة لا يصح النقل عنه وقال صلىاللهعليهوسلم الولاء لحمة كلحمة النسب فإن احتج محتج بما حدثنا محمد ابن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبى شيبة قال حدثنا محمد بن بشر وابن نمير وأبو أسامة عن زكريا عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جبير بن مطعم قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا حلف في الإسلام وإنما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة قال فهذا يوجب بطلان حلف الإسلام ومنع التوارث به قيل له يحتمل أن يريد به نفى الحلف في الإسلام على الوجه الذي كانوا يتحالفون عليه في الجاهلية وذلك لأن حلف الجاهلية كان على أن يعاقده فيقول هدمي هدمك ودمى دمك وترثني وأرثك وكان في هذا الحلف أشياء قد حظرها الإسلام وهو أنه كان يشرط أن يحامى عليه ويبذل دمه دونه ويهدم ما يهدمه فينصره على الحق والباطل وقد أبطلت الشريعة هذا الحلف وأوجبت معونة المظلوم على الظالم حتى يتنصف منه وأن لا يلتفت إلى قرابة ولا غيرها قال الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا) فأمر الله تعالى بالعدل والقسط في الأجانب والأقارب وأمر بالتسوية بين الجميع في حكم الله تعالى فأبطل ما كان عليه أمر الجاهلية من معونة القريب والحليف على غيره ظالما كان أو مظلوما وكذلك قال صلىاللهعليهوسلم أنصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله هذا يعينه مظلوما فكيف يعينه ظالما قال أن ترده عن الظلم فذلك معونة منك له وكان في حلف الجاهلية أن يرثه الحليف دون أقربائه فنفى النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله لا حلف في الإسلام التحالف على النصرة والمحاماة من غير نظر في دين أو حكم وأمر باتباع أحكام الشريعة دون ما يعقده الحليف على نفسه ونفى أيضا أن يكون الحليف أولى بالميراث من الأقارب فهذا معنى قوله صلىاللهعليهوسلم لا حلف في الإسلام وأما قوله وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة فإنه يحتمل أن الإسلام من زاد شدة وتغليظا في المنع منه وإبطاله فكأنه قال إذا لم يجز الحلف في الإسلام مع ما فيه من تناصر المسلمين وتعاونهم فحلف الجاهلية أبعد من ذلك قال أبو بكر وعلى نحو ما ذكرنا من التوارث بالموالاة قال أصحابنا