عن النبي صلىاللهعليهوسلم في إيجاب الشفعة للجار لأنها في حيز المتواتر المستفيض الذي لا تجوز معارضته بأخبار الآحاد ولو ثبت من وجوه يجوز أن يعارض به ما قدمنا ذكره لم يكن فيه ما ينفى أخبار إيجاب الشفعة للجار وذلك لأن أكثر ما فيه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قضى بالشفعة فيما لم يقسم ثم قال فإذا وقعت الحدود فلا شفعة فأما قوله قضى رسول الله بالشفعة فيما لم يقسم فإنه متفق على استعماله في إيجاب الشفعة للشريك ومع ذلك فهو حكاية قضية من النبي صلىاللهعليهوسلم قضى بها وليس بعموم لفظ ولا حكاية قول منه وأما قوله فإذا وقعت الحدود فلا شفعة فإنه يحتمل أن يكون من كلام الراوي إذ ليس فيه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قاله ولا أنه قضى به وإذا احتمل أن تكون رواية عن النبي صلىاللهعليهوسلم واحتمل أن يكون من قول الراوي أدرجه في الحديث كما وجد ذلك في كثير من الأخبار لم يجز لنا إثباته عن النبي صلىاللهعليهوسلم إذ غير جائز لأحد أن يعزى إلى النبي صلىاللهعليهوسلم مقالة بالشك والاحتمال فهذا وجه منع الاعتراض به على ما ذكرنا* واحتجوا أيضا بما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا حامد بن محمد المردف قال حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال حدثنا عبد الواحد ابن زياد قال حدثنا معمر عن الزهري عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال قضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة وهذا لا دلالة فيه على نفى الشفعة بالجوار من وجهين أحدهما أنه إنما نفى وجوب الشفعة إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فأفاد بذلك نفى الشفعة لغير الجار الملاصق لأن صرف الطرق ينفى الملاصقة لأن بينه وبين جاره طريقا والثاني أنا متى حملناه على حقيقته كان الذي يقتضيه اللفظ نفى الشفعة عند وقوع الحدود وصرف الطرق ووقوع الحدود وصرف الطرق إنما هو القسمة فكأنه إنما أفاد أن القسمة لا شفعة فيها كما قال أصحابنا أنه لا شفعة في قسمة وكذلك الحديث الأول محمول على ذلك أيضا وأيضا فقد روى عبد الملك بن أبى سليمان عن عطاء عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال الجار أحق بصقبه ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا فهذا الخبر ان قد رويا عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم وغير جائز أن نجعلهما متعارضين مع إمكان استعمالهما جميعا وقد يمكننا استعمالهما على الوجه الذي ذكرنا ومخالفونا يجعلونهما متعارضين ويسقطون أحدهما بالآخر وأيضا جائز أن يكون ذلك كلاما خرج على سبب فنقل الراوي لفظ النبي صلىاللهعليهوسلم