الأراجيف بالأمن والخوف في أمر العدو بل جائز أن يكون عاما في الجميع وحظر به على العامي أن يقول في شيء من حوادث الأحكام ما فيه حظر أو إباحة أو إيجاب أو غير ذلك وألزمهم رده إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم ليستنبطوا حكمه بالاستدلال عليه بنظائره من المنصوص وأيضا فلو سلمنا لك أن نزول الآية مقصور على الأمن والخوف من العدو لكانت دلالته قائمة على ما ذكرنا لأنه إذا جاز استنباط تدبير الجهاد ومكايد العدو بأخذ الحذر تارة والإقدام في حال والإحجام في حال أخرى وكان جميع ذلك مما تعبدنا الله به ووكل الأمر فيه إلى آراء أولى الأمر واجتهادهم فقد ثبت وجوب الاجتهاد في أحكام الحوادث من تدبير الحروب ومكايد العدو وقتال الكفار فلا فرق بينه وبين الاجتهاد والاستدلال على النظائر من سائر الحوادث من العبادات وفروع الشريعة إذ كان جميع ذلك من أحكام الله تعالى ويكون المانع من الاجتهاد والاستنباط في مثله كمن أباح الاستنباط في البيوع خاصة ومنعه في المناكحات أو أباحه في الصلاة ومنعه في المناسك وهذا خلف من القول* فإن قيل ليس الاستنباط مقصور على القياس واجتهاد الرأى* دون الاستدلال بالدليل الذي لا يحتمل في اللغة إلا معنى واحدا* قيل له الدليل الذي لا يحتمل في اللغة إلا معنى واحدا لا يقطع بين أهل اللغة فيه تنازع إذ كان أمرا معقولا في اللفظ فهذا ليس باستنباط بل هو في مفهوم الخطاب وذلك عندنا نحو قوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) أنه لا دلالة على النهى عن الضرب والشتم والقتل ونحوه وهذا لا يقع في مثله خلاف فإن أردت بالدليل الذي لا يحتمل إلا معنى واحدا هذا الضرب من دلائل الخطاب فإن هذا لا تنازع فيه ولا يحتاج إلى استنباط وإن أردت بالدليل تخصيص الشيء بالذكر فيكون دلالة على أن ما عداه فحكمه بخلافه فإن هذا ليس بدليل وقد بيناه في أصول الفقه ولو كان هذا ضربا من الدليل لما غفلته الصحابة ولا استدلت به على أحكام الحوادث ولو فعلوا هذا لاستفاض ذلك عنهم وظهر فلما لم ينقل ذلك عنهم دل على سقوط قولك وأيضا لو كان هذا ضربا من الاستدلال لم يمنع ذلك إيجاب الاستنباط فيما لا طريق إليه إلا من جهة الرأى والقياس إذ ليس يوجد في كل حادثة هذا الضرب من الدلالة وقد أمرنا باستنباط سائر ما لا نص فيه فما لم نجد فيه من الحوادث هذا الضرب من الدليل فعلينا استنباط حكمه من طريق القياس والاجتهاد