مشرك أو طائر فيصيب مسلما والثاني أن يظنه مشركا لأنه في حيز أهل الشرك أو عليه لباسهم فالأول خطأ في الفعل والثاني خطأ في القصد* وشبه العمد ما تعمد ضربه بغير سلاح من حجر أو عصا وقد اختلف الفقهاء في ذلك وسنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى* وأما ما ليس بعمد ولا شبه عمد ولا خطأ فهو قتل الساهي والنائم لأن العمد ما قصد إليه بعينه والخطأ أيضا الفعل فيه مقصود إلا أنه يقع الخطأ تارة في الفعل وتارة في القصد وقتل الساهي غير مقصود أصلا فليس هو في حيز الخطأ ولا العمد إلا أن حكمه حكم الخطأ في الدية والكفارة* قال أبو بكر وقد ألحق بحكم القتل في الحقيقة لا عمدا ولا غير عمد وذلك نحو حافر البئر وواضع الحجر في الطريق إذا عطب به إنسان هذا ليس بقاتل في الحقيقة إذ ليس له فعل في قتله لأن الفعل منا إما أن يكون مباشرة أو متولدا وليس من واضع الحجر وحافر البئر فعل في العاثر بالحجر والواقع في البئر لا مباشرة ولا تولدا فلم يكن قاتلا في الحقيقة ولذلك قال أصحابنا إنه لا كفارة عليه وكان القياس أن لا تجب عليه الدية ولكن الفقهاء متفقون على وجوب الدية فيه قال الله تعالى (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) ولم يذكر في الآية من عليه الدية من القاتل أو العاقلة* وقد وردت آثار متواترة عن النبي صلىاللهعليهوسلم في إيجاب دية الخطأ على العاقلة واتفق الفقهاء عليه منها ما روى الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال كتب النبي صلىاللهعليهوسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار أن يعقلوا معاقلهم ويفكوا عانيهم بالمعروف والإصلاح بين المسلمين * وروى ابن جريج عن أبى الزبير عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه* كتب على كل بطن عقوله ثم كتب أنه لا يحل أن يتولى مولى رجل بغير إذنه * وروى مجالد عن الشعبي عن جابر أن امرأتين من هذيل قتلت إحداهما الأخرى ولكل واحدة منهما زوج وولد فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم دية المقتولة على عاقلة القاتلة وترك زوجها وولدها فقال عاقلة المقتولة ميراثها لنا فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لا ميراثها لزوجها وولدها قال وكانت حبلى فألقت جنينا فخاف عاقلة القاتلة أن يضمنهم فقال يا رسول الله لا شرب ولا أكل ولا صاح ولا استهل فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذا سجع الجاهلية فقضى في الجنين غرة عبد أو أمة وروى محمد بن عمر عن أبى سلمة عن أبى هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قضى في الجنين عبدا أو أمة فقال الذي قضى عليه العقل أنؤدي من لا شرب ولا أكل ولا صاح ولا استهل فمثل
«١٣ ـ أحكام لث»