أتم وكان صاحبي يقصر فقال ابن عباس أنت الذي تقصر وصاحبك الذي كان يتم فأخبر ابن عباس أن القصر ليس في عدد الركعات وأن الركعتين في السفر ليستا بقصر ويدل على ذلك ما روى سفيان عن زبير اليامى عن عبد الرحمن ابن أبى ليلى عن عمر قال صلاة السفر ركعتان وصلاة الفطر والأضحى ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلىاللهعليهوسلم وقد دخل في ذلك صلاة الخوف في السفر لأنه ذكر جميع هذه الصلوات وأخبر أنها تمام غير قصر على لسان النبي صلىاللهعليهوسلم فثبت بذلك أن القصر المذكور في الآية هو على ما وصفنا دون أعداد ركعات الصلاة فإن قيل روى عن يعلى بن أمية أنه قال قلت لعمر بن الخطاب كيف تقصر وقد أمنا وقال الله تعالى (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فقال عجبت مما عجبت منه فسألت النبي صلىاللهعليهوسلم فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته فهذا يدل على أن القصر المذكور في الآية هو القصر في عدد الركعات وأن ذلك كان مفهوما عندهم من معنى الآية قيل له لما كان اللفظ محتملا للمعنيين من أعداد ركعات الصلاة ومن صفتها على الوجه الذي بينا لم يمتنع أن يكون قد سبق في وهم عمرو يعلى بن أمية ما ذكر وأن عمر سأل النبي صلىاللهعليهوسلم عن القصر في حال الأمن لا على أنه ذكر للنبي صلىاللهعليهوسلم أن قصر الآية هو في العدد فأجابه بما وصف ولكنه جائز أن يكون قال النبي صلىاللهعليهوسلم كيف نقصر وقد أمنا من غير أن ذكر له تأويل الآية لأن النبي صلىاللهعليهوسلم قد كان يقصر في مغازيه ثم قصر في الحج في حال الأمن وزوال القتال فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته يعنى إن الله قد أسقط عنكم في السفر فرض الركعتين في حال الخوف والأمن جميعا وقد روى عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم في صلاة السفر أنها تمام غير قصر فجائز أن يكون ظن بديا أن قصر الخوف هو في عدد الركعات فلما سمعه يقول صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر علم أن قصر الآية إنما هو في صفة الصلاة لا في عدد الركعات وإذا صح بما وصفنا أن المراد بالقصر ما ذكرنا لم تكن في الآية دلالة على فرض المسافر ولا على أنه مخير بين الإتمام والقصر إذ لا ذكر له في الآية* وقد اختلف الفقهاء في فرض المسافر فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد فرض المسافر ركعتان إلا صلاة المغرب فإنها ثلاث فإن صلى المسافر أربعا ولم يقعد في الاثنتين فسدت صلاته وإن قعد فيهما مقدار التشهد تمت صلاته بمنزلة من صلى الفجر أربعا بتسليمة وهو قول