(وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) وفي ضمن ذلك أن طائفة منهم بإزاء العدو لأنه قال (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) وجائز أن يكون مراده الطائفة التي بإزاء العدو وجائز أن يريد به الطائفة المصلية والأولى الطائفة التي بإزاء العدو لأنها تحرس هذه المصلية وقد عقل من ذلك أنهم لا يكونون جميعا مع الإمام لأنهم لو كانوا مع الإمام لما كانت طائفة منهم قائمة مع النبي صلىاللهعليهوسلم بل يكونون جميعا معه وذلك خلاف الآية ثم قال تعالى (فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ) وعلى مذهب مالك يقضون لأنفسهم ولا يكونون من ورائهم إلا بعد القضاء وفي هذه الآية الأمر لهم بأن يكونوا بعد السجود من ورائهم وذلك موافق لقولنا* ثم قال (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ) فدل ذلك على معنيين أحدهما أن الإمام يجعلهم طائفتين في الأصل طائفة معه وطائفة بإزاء العدو على ما قال أبو حنيفة لأنه قال (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى) ونون مذهب مخالفنا هي مع الإمام لا تأتيه والثاني قوله (لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ) وذلك يقتضى نفى كل جزء من الصلاة ومخالفنا يقول يفتتح الجميع الصلاة مع الإمام فيكون على حينئذ بعد الافتتاح فاعلين لشيء من الصلاة وذلك خلاف الآية فهذه الوجوه التي ذكرنا من معنى الآية موافقة لمذهب أبى حنيفة ومحمد وقولنا موافق للسنة الثابتة عن النبي صلىاللهعليهوسلم وللأصول وذلك لأن النبي صلىاللهعليهوسلم قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وقال إنى امرؤ قد بدنت فلا تبادرونى بالركوع ولا بالسجود ومن مذهب المخالف أن الطائفة الأولى تقضى صلاتها وتخرج منها قبل الإمام وفي الأصول أن المأموم مأمور بمتابعة الإمام لا يجوز له الخروج منها قبله وأيضا جائز أن يلحق الإمام سهو وسهوه يلزم المأموم ولا يمكن الخارجين من صلاته قبل فراغه أن يسجدوا ويخالف هذا القول الأصول من جهة أخرى وهي اشتغال المأموم بقضاء صلاته والإمام قائم أو جالس تارك لأفعال الصلاة فيحصل به مخالفة الإمام في الفعل وترك الإمام لأفعال الصلاة لأجل المأموم وذلك ينافي معنى الافتداء والائتمام ومنع الإمام من الاشتغال بالصلاة لأجل المأموم فهذان وجهان أيضا خارجان من الأصول فإن قيل جائز أن تكون صلاة الخوف مخصوصة بجواز انصراف الطائفة الأولى قبل الإمام كما جاز المشي فيها قيل له المشي له نظير في الأصول وهو الراكب المنهزم يصلى وهو سائر