رسول الله صلىاللهعليهوسلم ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى يا رسول الله قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين الحالقة * وإنما قيد الكلام بشرط فعله ابتغاء مرضاة الله لئلا يتوهم أن من فعله للترؤس على الناس والتأمر عليهم يدخل في هذا الوعد قوله تعالى (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى) الآية فإن مشاقة رسول الله صلىاللهعليهوسلم مباينته ومعاداته بأن يصير في شق غير الشق الذي هو فيه وكذلك قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) هو أن يصير في حد غير حد الرسول وهو يعنى مباينته في الاعتقاد والديانة وقال (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى) تغليظا في الزجر عنه وتقبيحا لحاله وتبيينا للوعيد فيه إذ كان معاندا بعد ظهور الآيات والمعجزات الدالة على صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم وقرن اتباع غير سبيل المؤمنين إلى مباينة الرسول فيما ذكر له من الوعيد فدل على صحة إجماع الأمة لإلحاقه الوعيد بمن اتبع غير سبيلهم وقوله (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) إخبار عن براءة الله منه وأنه يكله إلى ما تولى من الأوثان واعتضد به ولا يتولى الله نصره ومعونته قوله تعالى (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ) التبتيك التقطيع يقال بتكه يبتكه تبتيكا والمراد به في هذا الموضع شق أذن البحيرة روى ذلك عن قتادة وعكرمة والسدى وقوله (وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) يعنى والله أعلم أنه يمنيهم طول البقاء في الدنيا ونيل نعيمها ولذاتها ليركنوا إلى ذلك ويحرصوا عليه ويؤثروا الدنيا على الآخرة ويأمرهم أن يشقوا آذان الأنعام ويحرموا على أنفسهم وعلى الناس بذلك أكلها وهي البحيرة التي كانت العرب تحرم أكلها وقوله (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) فإنه روى فيه ثلاثة أوجه أحدها عن ابن عباس رواية إبراهيم ومجاهدو الحسن والضحاك والسدى دين الله بتحريم الحلال وتحليل الحرام ويشهد له قوله تعالى (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) والثاني ما روى عن أنس وابن عباس رواية شهر بن حوشب وعكرمة وأبى صالح أنه الخصاء والثالث ما روى عن عبد الله والحسن أنه الوشم وروى قتادة عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا بإخصاء الدابة وعن طاوس وعروة مثله وروى عن ابن عمر أنه نهى عن الإخصاء وقال ما أنهى إلا في الذكور وقال ابن عباس إخصاء البهيمة مثلة ثم قرأ (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) وروى عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن إخصاء الجمل قوله تعالى (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) هو نظير قوله (ثُمَّ أَوْحَيْنا